الصغير؛ فإنه غالبًا يحصل التقبل، ومن هنا وجب على الولد الذي يريد أن يحتسب على والديه بأمرهما بالمعروف، ونهيهما عن المنكر أن يستخدم أقصى ما يمكن من الحكمة، واللين، والتلطف، والإقناع بالتي هي أحسن، بعيدًا عن الزجر، والتقريع، فقد قال تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
وقد بلغ من حق الأبوين على ولدهما أنه لا يقتص منهما إذا قتلاه، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقاد الوالد لولد))، ولذا قال بعض الفقهاء: إن الولد ليس له أن يباشر إقامة الحد على أبويه.
وقال الغزالي بعد تعرضه للحسبة على الآباء: "فإذا لم يجز له إيذاؤه بعقوبة هي حق على جناية سابقة، فلا يجوز له إيذاؤه بعقوبة هي منع من جناية مستقبلية متوقعة، بل أولى"، يعني: أولى ألا يكون ذلك.
ونُقل عن العلامة ابن عابدين أن الرجل ينهى أبويه إذا رآهما يرتكبان المنكر مرة واحدة، فإن انتهيا وإلا فيسكت إن ساءهما ذلك، ويسأل الله -عز وجل- أن يهديهما، ويغفر لهما ذنبيهما.
أما الأستاذ عبد القادر عودة -رحمه الله- فهو يرى أنه ينبغي للولد أن يغير المنكر الذي يرتكبه والده دون أن ينال منهما، فهو يقول: فأما الوالدان فليس للولد عليهما إلا التعريف -يعني: بالمنكر- ثم النهي بالوعظ والنصح، وليس له أن يعنفهما أو يهددهما، أو يضربهما، ولكن له على رأي أن يغير ما يأتيان من المنكر بحيث لا يمس شخصيتهما، كأن يريق خمرهما، أو يرد ما جاء في بيتهما من مال مغصوب، أو مسروق لأصحابه.