فالواجب على الآباء ألا يهملوا الحسبة على الأبناء، فإن لهم في ذلك الخير الكثير، وهذا من حق الأبناء على الآباء، فقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما نحل والد ولده من نحل أو فضل من أدب حسن))، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع)).
ولا يعتقدن الأب وهو يربي أولاده على الفضيلة والأخلاق التي جاء بها الإسلام أن ذلك تطوعًا وتفضلًا منه، بل هو فرض على الأبوين يسألان عن ذلك يوم القيامة، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعٍ، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسئولة عن رعيتها)).
ولذا قال الفقهاء: إن الأب له أن يكره ولده الصغير على تعلم القرآن، والأدب، والعلم؛ لأن ذلك فرض على الوالدين، ولكن الأبوين لا يملكان حق الإكراه، والتعزير على الولد بعد بلوغه، فإن الولد البالغ يصير بمنزلة الأجنبي، كما قال ابن عابدين: أما الكبير فكالأجنبي، وقال بعضهم: إن لهما -أي: الأبوين- حق تأديبه حتى بعد بلوغه.
فعلى الآباء أن يهتموا بالحسبة على أبنائهم قيامًا لهم بالواجب الذي نيط بأعناقهم نحوهم.
أما الحسبة على الوالدين: فهي أدق ما يكون في حسبة المحتسب مع أقاربه، فالأمر في ذلك يحتاج إلى كثير من الحيطة والحذر؛ لأن طبيعة النصيحة إذا أتت من الصغير للكبير يكون التغلب في الغالب صعبًا بعكس إذا كانت من الكبير إلى