الحال أن يتجسس، ويقدم على الكشف والبحث؛ حذارًا من فوات ما لا يستدرك، وكذلك لو عرف ذلك غير المحتسب من المتطوعة جاز لهم الإقدام على الكشف والإنكار. قال ابن النحاس: قلت: والأمر مداره على التقوى.

والوجه الثاني: ما قصر عن هذه الرتبة، فلا يجوز التجسس عليه، ولا كشف الأستار عنه".

وقال ابن مفلح في (الآداب الشرعية): نص أحمد فيمن رأى إناء يرى أن فيه مسكرًا، نص أنه يدعه، يعني: أنه لا يفتشه، ترجم عليه الخلال: ما يكره أن يفتش إذا استراب به، وقطع القاضي في (المعتمد) أنه لا يجوز إنكار المنكر إذا ظن وقوعه، وحكى عن بعضهم أنه يجب، واختار ابن المنذر وغيره من الأئمة أن الميت إذا نيح عليه يعذب إذا لم يوص بتركه، وكان من عادة أهله النوح، وهذا معنى اختيار الشيخ فخر الدين في (التلخيص).

قال الشيخ مجد الدين في (شرح الهداية)، وهو أصح الأقوال: لأنه متى غلب على ظنه فعلهم له، ولم يوص بتركه مع القدرة، فقد رضي به، فصار كتارك النهي عن المنكر مع القدرة، فقد جعل ظن وقوع المنكر بمنزلة المنكر الموجود في وجوب الإنكار، والمشهور عندنا في هذه الحال: أنه لا يعذب.

وذكر القاضي أبو يعلى في (الأحكام السلطانية): إن غلب على الظن استسرار قوم بالمعصية؛ لأمارة دلت، وآثار ظهرت، فإن كان في انتهاك حرمة يفوت استدراكها مثل: أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلًا خلا برجل ليقتله، أو بامرأة ليزني بها جاز أن يتجسس، ويقدم على البحث والكشف، وهذا في المحتسب دون غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015