ويقول تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة: 18).

فالوظيفة الأساسية للمسجد: هي الاجتماع فيها لأداء الصلوات، وهي بالإضافة إلى ذلك أمكنة لتلقي العلم، واجتماع العلماء، ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله -عز وجل- خير من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)).

وبهذا كان المسجد أول المؤسسات التعليمية، فلم يكن عجبًا إذًا أن ارتبط التعليم بالمسجد لزمن طويل، ففي كل مسجد يقام كانت تقوم بداخله مدرسة، أو حلقة، أو حلقات فكرية وعلمية، تعلم القرآن وغيره، ولم يكن التعليم في المساجد يقتصر على تعلم الأمور الشرعية فقط، بل كان يضم إلى ذلك علومًا أخرى، كما يقول السيوطي: بأن دروسًا مختلفة رتبت في الجامع الطولوني في مصر شملت التفسير، والحديث، والفقه، والقراءات، والطب، وغيرها. كما أن من وظائف المسجد: الخلوة مع الله -عز وجل- بالاعتكاف، والتفرغ لذكره، وعبادته.

وقد أشار إلى ذلك ربنا -سبحانه وتعالى- في قوله: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (البقرة: 187). وفي المساجد كان يتم التقاضي، ومن ذلك: قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد على رجل اعترف بالزنا، فحكم عليه بإقامة حد الزنا عليه.

وروى البخاري في صحيحه: ((أن كعب بن مالك قاضى رجلًا دينًا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما فنادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا كعب، ضع عنك دينك هذا. قال: لقد فعلت ذلك يا رسول الله)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015