وبهذا كان المسجد، وما يزال هو المؤسسة التربوية التي تقوم بإعداد المسلم الإعداد المتكامل الذي يساعده على التكيف مع رسالته في الحياة، ومتطلباتها وفق استعداداته وقدراته دون تقيد بسن معينة.

وبذلك حقق المسجد ويحقق أبعادًا تربوية، منها: البعد النفسي، هو التعلم وفق القدرات والاستعدادات، كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: 286)، والبعد الاجتماعي، وهو إعداد الفرد للمشاركة، وبذل الجهد في الحياة العامة، والبعد التكاملي أي: التكامل في الإعداد حيث أن الإسلام ينظر إلى الفرد على أنه وحدة متكاملة من كل الجوانب السابقة الجسمية منها، والعقلية، والروحية.

وفي المسجد يتم البناء التربوي متكامل، وعلى هذا فلا سبيل إلى النهوض بالمسلمين فيما يتعلق بدينهم، وتراثهم، وبعث روح الإسلام الفاعلة في نفوسهم إلا برجعة واعية وحثيثة إلى رسالة المسجد، ولا تعني هذه العودة إلغاء كل ما وجد في حياتنا من تطورات مادية، وتوزيع لبعض الوظائف التي كانت للمسجد، فنغلق المدارس والأندية وسائر مراكز النشاط الاجتماعي والثقافي لا، لا نقول ذلك، ولكن ما نريده هو أن تتضافر جهود المخلصين؛ لننقل إلى كل هذه الجهات التي أخذت من وظائف المسجد ننقل إليها روح المسجد؛ فتصبح هي بدورها امتدادًا فاعلًا لرسالة المسجد في حياة المجتمع.

إنّ الله -تبارك وتعالى- رفع من شأن المساجد، ومن شأن أهلها، فقال الله -تبارك وتعالى-: {فِي بُيُوتٍ إذًا اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (النور: 36، 37)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015