وثاني الأهداف للعلم في الإسلام: هو الإلمام بمقاصد الشريعة الإسلامية التي بنيت على مصالح العباد الضروري منها وغيره، وكل علم يحقق مصلحة من مصالح العباد، ويصيب مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية هو علم يثاب صاحبه، وطلبه عندئذ عمل شرعي، حتى ولو كان العلم المطلوب تحصيله غير العلوم الشرعية، كالطب، والصناعة، والهندسة بأنواعها، بل وكل علم تصب ثمرته في مصلحة الأمة، ولا يعارض أصلًا من أصول الشريعة؛ لأن العلوم التي تعارض أصلًا من أصول الشريعة لا حاجة لنا بها، ولو كان في ظاهرها منفعة.

حقيقة هذه العلوم ليست كذلك؛ ولذلك يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "كل علم لا يفيد عملًا فليس من الشرع ما يدل على استحسانه، ولو كان له غاية أخرى شرعية؛ لكان مستحسنًا شرعًا"، ومثال ذلك كعلوم الفلسفة النظرية البحتة وغيرها من بعض ما أفرزته لنا الحضارة المعاصرة، كالعلوم التي تعلم هدم الأخلاق، وإفساد القيم، وما إليها.

إذًا فهذان هدفان أصيلان يقوم على أساسهما طلب العلم في الإسلام، وهذا كله -كما قدمنا- عن العلم وأهميته وأهدافه في الإسلام، وفرضية طلبه، وتحصيله على كل من قال: لا إله إلا الله، وطلبه على درجات: فمنه الضروري، وهو الذي لا يعذر مسلم في تركه، كتعلم أحكام العبادات الواجبة عليه، وما لا تستقيم معيشته وحياته إلا به، وهو المقصود بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)).

ومنه ما هو كفائي بمعنى: أنه إذا تعلمه بعض أفراد الأمة أجزأ عن الباقين، بشرط ألا يترك من الجميع فيأثموا جميعًا، كما هو مفصل ومثبت في كتب الفقه. ومن العلم ما هو طلبه استحساني كمالي، إن تعلمه زادت معرفته وثقافته، وإن تركه لا يلام ولا يترتب عليه هدم لمصلحة الأمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015