ضياعًا وحيرة فلم يجد سبيلاً عندها إلا ذلك السقوط المريع والنهاية البائسة.
هذا، وإننا في ذلك لا نبرئ ساحة نفر من الشباب لديه استعداد مسبق لهذا الانحراف، وهو يميل بطبعه إلى اتباع الهوى وتحكيم الشهوات، فيكون وَقودًا لهؤلاء السحرة والكهنة، ولتلك الدعوات الهدامة المنحرفة.
إن المنهجية العلمية تقتضي النظر إلى المشكلة المراد تشخيصها ووضع الحلول الناجعة لها؛ نظرًا يشمل جميع حيثياتها حتى يمكن بذلك معالجتها، والتخلص من أثرها، وإني لا أدعي في هذا أني قد أتممت تشخيص هذه المشكلة الاجتماعية المهمة، فإن ذلك قد يحتاج إلى عقلية فذة قد تقارب ما عند ابن خلدون رحمه الله، وأنّى لي مثل ذلك، لكني أحسب أني في هذه العجالة قد ألقيت الضوء على جانب مهم من أسباب ما وقع به أولئك الشباب، ولن نسلك في علاج ذلك مسلك الغربيين الذين قطعوا أشواطًا في العمران واستخدام الموارد وتصنيع الأدوات، لكنهم حسبما هو ظاهر من حالهم لم يرتقوا إلى البعد الداخلي للحضارة، ولم يلامسوا بحضارتهم ما وُجِدوا لأجله، لذا فإن مبلغ علمهم قد بقي منحصرًا في تحقيق القدر الأكبر من الترفُّة والتقدم المادي البحت، لكنْ والحق يقال إن أهل الغرب قد بذلوا جهودًا مضنية لتقرير فكرة التغيير والتقدم المستمر في أذهان شعوبهم فاستطاع مفكروهم عبر قرون متواصلة أن يفتحوا دائرة التفكير المنغلق إلى أفق الوعي الحضاري المتجدد، وأن يعزّزوا الثقة بالقدرات الإنسانية للتطور نحو الأفضل، وفي هذا المضمار بالذات نرى أن أمة الإسلام المكرمة هي الأحق بهذا النمط من التفكير الجادّ والانفتاح على آفاق تحديث الحياة وتمدينها، ذلك أن ديننا الحنيف لم يَدَع مسلكًا يثبّت فيه مفهوم التمدين الإنساني الذي