وينال منه. ونحن نقول: إن هذه الطقوس المشينة والرموز المهينة، ليست - في اعتقادنا - إلا تسخير الساحر لبعض الشباب لأجل إتمام تقربه لشيطانه، فإن ما يفعله هؤلاء يدخل في ما يشترطه شيطان الساحر من النيل من الدين وأهله، وامتهان مقدساته، وذلك ليتم الساحر عقد الاستعانة بشيطانه.
ونحن لا ننكر هنا أن هذه الجماعة المنحرفة كانت حصيلة جهد مضن وإنفاق سخي من أعداء الأمة، لكن اختصاص إطلاق لفظ (عبدة الشيطان) على هؤلاء قد يوهم أن من عداهم من السحرة والكهان والمنجمون، وأصحاب الدعوات الشركية، والعزائم الشيطانية براء من هذه العبادة، إنهم جميعًا في ذلك سواء، وبخاصة إذا اطلعنا على صنوف التقرب للشيطان التي نص عليها أهل السحر في كتبهم، فهي تكاد تكون متطابقة مع طقوس هؤلاء، لكن غاية الفرق بينهم أن السحرة يستفيدون من هؤلاء الشباب كوسيلة لتقربهم إلى شياطينهم في حصول أعمالهم السحرية، أما الأتباع فهم أداة رخيصة وفريسة سهلة تُلتَهم على مذبح السحرة، فترى أحدهم ينهي حياته ملقيًا بنفسه من شاهق، أو قاطعًا عروق يده، أو محرقًا نفسه، عياذًا بالله تعالى من ذلك، فما الذي حدا بشاب في ريعان شبابه إلى هذه النهاية المفجعة، والخاتمة البائسة؟! إنه ذلك الضياع، فبعد أن فشل في تحقيق ذاته في مسرح الحياة، وبعد أن بقيت طاقاته منحصرة بين جنبيه، فلم تجد منفذًا إلى تثقيف واع يواكب العصر، ولم تتقن عملاً منتجًا يحقق الإبداع، ولم يلق ذلك الشاب أسرة تحيط به رعاية، وتسهم في حل مشكلاته، ولا مجتمعًا ينفض عنه باليَ عاداته، ويتمسك بعظيم عباداته،، عندها تلقفته صحبة السوء، وسحبته إلى دُور المشعوذين وخِرَب السحرة المجرمين، فغلب على ظنه أنه قد يحقق شيئًا ما بطريقهم، يحقق به ذاته ويتوصل به إلى تطلعاته، عجز فآوى إلى أوكارهم، حتى إذا استيأس من نفعهم وعلم بشاعة ما أقدم عليه، وعجزت كثير من مؤسسات المجتمع التربوية عن استيعاب معضلاته تلك، ازداد