هذه التوراة التي نزلت على موسى -عليه السلام- غير موجودة بالمرة الآن، كما هو مسلم به عند الجميع. أما التوراة المتداولة الآن: فقد قام بكتابتها أكثر من كاتب، وفي أزمان مختلفة، وقد دخلها التحريف.

يقول المرحوم الأستاذ الكبير محمد فريد وجدي: ومن أدلة التحريف الحسية أن التوراة المتداولة لدى النصارى تخالف التوراة المتداولة عند اليهود انتهى، وقد أثبت القرآن هذا التحريف، ونهى على اليهود التغيير والتبديل الذي أدخلوه على توراتهم قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (البقرة: 75).

فهم تجرأوا على كتاب الله فحرفوه، ليخفوا ما فيه من الحق، ونسوا قدرًا مما ذكرهم الله به في التوراة؛ فالذي عندهم من التوراة الصحيحة هو بعضها فقط قال تعالى: {مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (النساء: 46) وهو دليل على صحة نقض القرآن للتوراة المتداولة، وأنها ليست كلها هي توراة موسى التي جعلها الله نورًا وهدى، ما جاء في التوارة من وصف الله بما لا يليق بجلاله وكماله؛ ففي سفر التكوين 3: 22 وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد سار كواحد منا عارفًا بالخير والشر، وفيه ستة ستة أيضًا فحزن الرب أنه عمل الإنسان، وتأسف في قلبه، فهل يعقل أن هذا من كلام الله؟ وهل يصح أن ينسب إليه الحزن والأسف على شيء عمله؟!.

وكذلك ما جاء فيها مما يمس شرف الأنبياء، ويتنافى مع ما لهم من عصمة ومكانة رفيعة، وخلق متين، فقالوا عن إبراهيم -عليه السلام-: إنه كذاب وأن لوطًا زنا بابنته، وهارون دعا الإسرائيليين إلى عبادة العجل، وداود زنى بزوجة أوريا، وسليمان عبد الأصنام إرضاءً لزوجته، فهل ثمة دليل على التحريف أقوى من هذا؟ لقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015