ليقضي حاجة لها؛ روى البخاري عن أنس قال: إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت، ولقد مر ذلك الحديث قريبا.
وكان من تواضعه -صلى الله عليه وسلم- تحيته إلى الصغار بالسلام والمسح على رءوسهم ووجوههم؛ روى البخاري ومسلم عن أنس أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله، وروى مسلم عن جابر بن سمرة قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الأولى -أي صلاة الظهر- ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم واحدًا واحدًا قال: وأما أنا فمسح خدي، قال: فوجدت ليده بردًا أو ريحًا كأنه أخرجه من جونة عطار، ومعنى من جؤنه عطار أو جونة عطار؛ أي من السلة التي يضع فيها العطار عطره.
ولما كان للتواضع من أثر اجتماعي كبير أوحى الله تعالى إلى رسوله بأن يأمر المسلمين بأن يتواضعوا، وقد سبق الحديث الذي رويته لكم؛ وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)).
ومن تواضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسماحة نفسه -صلوات الله عليه- أنه كان يشارك أهله في البيت في مهنة البيت وفي عمل البيت، وإذا جاء وقت الصلاة ترك ما في يده وذهب إلى المسجد، وخرج إلى الصلاة كأنه لا يعرف أحد ولا يعرفه أحد؛ روى البخاري عن الأسود بن يزيد -رضي الله عنه- قال سألت عائشة -رضي الله عنها- ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته قالت: كان يكون في مهنة أهله -يعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة، تقول في رواية: هرع إلى الصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه، ومعنى في مهنة الله؛ تعني في خدمة أهله.