بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} (هود: 84 - 86).
وسيدنا يوسف - عليه السلام - كان من أوفى الناس في الكيل والميزان، وأعلن عن ذلك بنفسه ليبين قيمة هذا الخلق النبيل؛ فقال لإخوته وهم لا يعرفونه: إني أوف ي الكيل وأنا خير المنزلين؛ قال تعالى في ذلك في سورة يوسف - عليه السلام -: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ * وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ} (يوسف: 58، 59).
فخلق العدل في الكيل والميزان والقسط وعدم التطفيف خلق نبيل وعدل كامل دعت إليه كل الشرائع السماوية، وجاء الإسلام فأكد عليه، ودعا إليه القرآن الكريم وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم.
أما عدل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحدث عنه ولا حرج؛ فلقد كان -صلى الله عليه وسلم- أعدل الناس، وكيف لا وهو الذي دعا إلى العدل وقضى بأنه خلق الصالحين، وبين -صلى الله عليه وسلم- أن الإمام العادل واحد من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، بل جعله أولهم، ويعلن -صلى الله عليه وسلم- أن فاطمة ابنته لو سرقت لقطع يدها؛ فأي عدل بعد هذا؛ جاء في الحديث الصحيح أن المخزومية لما سرقت أرسلوا أسامة بن زيد حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن حبه؛ ليشفع فيها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟! إنما أهلك من كان قبلكم؛ أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)).
والآيات في العدل كثيرة؛ قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} (الشورى: 17)، وقال تعالى {فَلِذَلِكَ فَادْعُ