أصحابها من الأمانة، وتأدية حق النصيحة لكل مسلم من الأمانة، وتأدية حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمانة، وتأدية العبد حق ربه عليه من الأمانة كالعبادات المفروضة والطاعة الواجبة.
وكف العبد نفسه عما حرم الله عليه من الأمانة؛ لأن العبد المكلف مستأمن على ما وضع الله بين يديه وما وضع تحت سلطته من أشياء؛ سواء أكانت داخلة في حدود ذاته أو خارجة عنها؛ فالحق في كل ذلك هو لله وقد استأمن الله عباده عليها فأذن لهم بأشياء وحرم عليهم أشياء؛ فمن تجاوز حدود الإذن الإلهي فاعتدى على ما ليس به حق فقد خان الأمانة؛ فالطاعة لله من الأمانة والمعصية لله من الخيانة.
ومن الأمانة إعطاء كل ذي حق حقه؛ فالعدل من الأمانة والجور والظلم من الخيانة، ومن الأمانة الاهتمام بأن يحفظ المستأمنون ما تحت أيديهم من حقوق لغيرهم حتى يؤدوها إلى أصحابها وهي على حالتها حينما استؤمنوا عليها ما لم يكن مرور الزمن يغير منها بصفة طبيعية معلومة.
وهكذا تتعدد مجالات خلق الأمانة وتتسع دوائرها، ولما كانت الأمانة مرتبطة بمبدأ الحق كان من يحب الحق ويؤثره يجد نفسه مدفوعًا لأن يكون أمينًا على حقوق الآخرين وإن تحركت مطامعه أو شهواته للاستيلاء عليه ا.
والأمانة مصدر كالأمان، والأمان من الأمن وهو ضد الخوف، وحين تنعدم مسببات الخوف يحصل الأمان في النفوس، ولما كان الأمين إنسانًا مأمون الجانب لا يُخشى عدوانه على حقوق غيره كانت ساحته ساحة أمان ليس فيها أي مثير للخوف على المال، أو على العرض أو على الحياة، ولذلك سميت الخصلة التي يتحلى بها الأمين على حقوق الآخرين أمانة، ولما كانت هذه الخصلة داخلة في