ولقد جاء من الأحاديث النبوية الكثير والكثير في الدعوة إلى الوفاء بالعهد، وأن ذلك الخلق الجميل من أخلاق الشرائع كلها من هذه الأحاديث قال -صلى الله عليه وسلم-: ((اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم)) رواه أحمد، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه وأرضاه.
إن حفظ السر نوع من الوفاء بالعهد؛ فمن عهد لك بشيء أو أسر لك شيئًا فقد أودعك سره، وسار بينك وبينه عهد يجب أن تحفظه، قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (الإسراء: 34) ولقد ذكر الإمام النووي بابًا في حفظ السر في كتابه القيم (رياض الصالحين) وأتبعه بباب في الوفاء بالعهد يحسن بنا أن نذكر هنا ما ذكره -رحمه الله تعالى- قال النووي: باب حفظ السر، قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. (الإسراء: 34) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن من أشر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)) رواه مسلم في صحيحه.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أن عمر -رضي الله عنه- حين تأيمت بنته حفصة، يعني: سارت أرملة، قال: لقيتُ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر قال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي ثم لقيني، فقال: قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا، فلقيت أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر؛ فَصَمَتَ أبو بكر -رضي الله عنه- فلم يرجع إلي شيئًا فقلت عليه أوجد مني على عثمان، يعني: كره منهما هذا الأمر فلبثت