أولًا: روى الترمذي بإسنادٍ صحيحٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهُم خلقًا وخيارُكُم خياركُم لنسائهم)) وفي حديث عمرو بن عبسة: أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أيُّ الإيمان أفضل؟ قال: حسن الخلق)) رواه أحمد.

فربط الرسول -صلى الله عليه وسلم- الارتقاء في مراتبِ الكمالِ الإيماني بالارتقاء في درجات حُسْنِ الخُلُق؛ وذلك لأن السلوك الأخلاقي النابع من المنابع الأساسية للخلق النفسي في الإنسان موصول هو والإيمان وظواهره، وآثاره في السلوك ببواعثَ نفسيةٍ واحدةٍ؛ فصدق العبادة لله تعالى أخلاقي كريم؛ لأنه وفاء بحق الله على عبيده، وحسن المعاملة مع الناس وفاء بحقوق الناس المادية والأدبية، فهي بهذا الاعتبار من الأعمال الأخلاقية الكريمة، فإذا تعمقنا أكثرَ من ذلك؛ فكشفنا أن الإيمان إذعان للحق، واعتراف به؛ رأينا أن الإيمان أيضًا هو عمل أخلاقي كريم بخلاف الكفر بالحق فهو دناءة خلقية.

فإذا ضممنا هذه المفاهيم إلى المفهوم الإسلامي العام الذي يوضح لنا أن كل أنواع السلوك الإنساني الفاضل فروع من فروع الإسلام والإسلام التطبيقي آثار للإيمان وثمرات عملية له إذا جمعنا كل هذه المفاهيم وجدنا أن أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأحسن الناس خلقًا لا بد أن يكون أصدقهم حديثًا، لا بد أن يكون أصدقهم إيمانًا، وأخلصهم نية، وأكثرهم التزامًا بما يجب على العباد نحو ربهم من عبادة، وحسن توجه له وصلة به، وأكثرهم التزامًا بحقوق الناس المادية والأدبية.

ومن المستبعد جدًّا أن يكون الإنسان ذا خلق كريم مع الناس محبًّا للحق معطاءً متواضعًا صبورًا عليهم رحيمًا بهم، ودودًا لهم، متسامح النفس معهم، ثم لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015