بالخسران، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
توضيح الحديث: قلت في توضيحه النيات جمع نية، والنيَّة بكسر النون وتشديد الياء على المشهور، وفي بعض اللغات بتخفيفها أي: النَّيَة. وقال الخطابي: النية هي قصدك الشيء بقلبك، وتحري الطلب منك له، وقال التيمي: هي وجهة القلب. وقال الإمام البيضاوي: النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقًا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالًا ومآلًا.
مناسبة رواية جمع النية، يعني: قوله: ((بالنيات)) إن ذلك من مقابلة الجمع بالجمع، أي: كل عمل بنية. وقال الخوبي: كأنه أشار بذلك إلى أن النية تتنوع، كما تتنوع الأعمال فمن قصد بعمله وجه الله، أو تحصيل موعوده، أو الاتقاء لوعيده، كما قصد بعمله وجه الله، أو بتحصيل موعوده، أو الاتقاء لوعيده.
مناسبة رواية إفراد النية: لأن هناك رواية تقول: ((إنما الأعمال بالنية)) وقع ذلك في معظم الروايات، ومناسبته أن محل النية القلب، وهو متحد؛ فناسب إفرادها بخلاف الأعمال؛ فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها؛ ولأن النية ترجع إلى الإخلاص، وهو واحد لله الواحد الذي لا شريك له، وتركيب: ((إنما الأعمال بالنيات)) يفيد الحصر عند المحققين وجه إفادة الحصر قيل: إن وجه إفادة هذا التركيب للحصر؛ لأن الأعمال جمع محلى بالألف، واللام مفيد للاستغراق، وهو مستلزم للقصر؛ لأن معناه كل عمل بنية؛ فلا عمل إلا بنية. وقيل: لأن إنما للحصر، إفادة إنما الحصر.
قال ابن دقيق العيد: استدل على إفادة، إنما للحصر بأن ابن عباس -رضي الله عنهما- استدل على أن الربا لا يكون إلا في النسيئة؛ بحديث: ((إنما الربا في النسيئة)) وعارضه