بسنده في (شعب الإيمان) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الحياء والإيمان قُرناء جميعًا، فإذا رُفع أحدهما رفع الآخر))، وفي رواية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ((فإذا سُلب أحدهما تبعه الآخر)).
فالحياءُ خُلقٌ نبيل دعا إليه الإسلام ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما دعت إليه كل الشرائع وكل الرسل، لقد جاءت أحاديث كثيرة عن سيد الخلق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تُبيّن قيمة هذا الخلق الكريم، خلق الحياء.
روى الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار)) وما كان الأمر كذلك إلا لأن الحياء يمنع صاحبه من الوقوع في الفواحش، ويُبعده عن الرذائل، وكل ما يخدش الحياء، أما الجفاء فإنه يهوِّن على الإنسان أن يكون فاحشًا وبذيئًا، وصخابًا، وشتامًا، وعيابًا، والله -سبحانه وتعالى- يبغض الفُحشَ والتفاحش، ويبغض الفاحش البذيء، والحياء خُلق من أخلاق الإيمان الحسنة، بل هو من أوائل هذه الخلق.
وأثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة إنما هو الخلق الحسن، روى الإمام الترمذي بسنده عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أثقل شيء يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)) يقول الشيخ عبد الرحمن حسن في كتابه (الأخلاق الإسلامية): "إن الحياء يحجز المرء عن الفواحش، ويجعله يتستَّر بها إذا هو كَبَا في شيء من أوحالها، ويجعله بعيدًا عن فحش القول والبذاءة، والحياء يدفع المرء إلى التحلي بكل جميل محبوب، والتخلي عن كل قبيح مكروه، والجمال من الكمال، والقبح من النقصان، وجمال الخصال، والأفعال أسمى من جمال الرسوم والأشكال، بكل ذلك حثَّ الإسلام على التحلِّي بخلق الحياء، والبعد عن كل وقاحة ومجانة، وفحش وبذاء".