ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)) يعني: يسكت، ثم بيَّن -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك أن كل إنسان مطالب بأن يعمل المعروف، وأن المعروف صدقة يتصدق بها على نفسه.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كل معروف صدقة، ودعا -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفق والسماحة واللين في كل الأمور، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يُحب الرفق في الأمر كله))، ودعا بعد ذلك -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين إلى أن يتعاونوا، وأن يتكاتفوا، وأن يتحدوا، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشُدُّ بعضه بعضًا، ثم شبَّك بين أصابعه وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسًا إذ جاءه رجل يسأل، أو طالب حاجة أقبل علينا بوجهه فقال: اشفعوا فلتؤجرُوا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء)) يعني: الإنسان يسعى في طلب الخير للناس، وليس عليه أن يُدرك تحقيق المصالح، وأجره على الله -سبحانه وتعالى.
ثم جاء حديث بعد ذلك بيَّن بعضًا من الأخلاق الكريمة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان هاشًّا باشًّا في وجوه الناس، ليس فاحشًا ولا متفحشًا، ولا سبابًا ولا صخابًا في الأسواق، تحت باب: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاحشًا ولا متفحشًا: روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ((لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبابًا، ولا فحاشًا، ولا لعانًا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة -يعني: عندما يعتب عليه لأمر أخطأ فيه- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما له تَرِب جبينه)) وهي كلمة تقولها العرب من باب الحث على الفعل، أو ترك الفعل، ولا يراد بها حقيقة الدعاء.
أما حُسن الخلق والسخاء وما يُكره من البخل فقد حذَّر منه النبي -صلى الله عليه وسلم، دعا إلى حسن الخلق والسخاء، وحذَّر من البُخل، عن جابر -رضي الله عنه- قال: ((ما سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شيء قط -يعني: أبدًا- فقال: لا.)) يعني: كان يعطي ولا يقول -صلى الله عليه وسلم: لا.