والحق أن الدين إن كان خلقًا حسنًا بين إنسان وإنسان فهو في طبيعته السماوية صلة حسنة بين الإنسان وربه، وكلا الأمرين يرجع إلى حقيقة واحدة، إن هناك أديانًا تُبشر بأن اعتناق عقيدة ما يمحو الذنوب، وأن أداء طاعة معينة يمسح الخطايا، لكن الإسلام لا يقول هذا، إلا أن تكون العقيدة المعتنقة محورًا لعمل الخير، وأداء الواجب، وأن تكون الطاعة المقترحة غُسلًا من السوء، وإعدادًا للكمال المنشود أي: أنه لا يمحق السيئات إلا الحسنات التي يطَّلع بها الإنسان ويرقى إلى مستوى أفضل، وقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على توكيد هذه المبادئ العادلة حتى تتبينها أمته جيدًا، فلا تهون لديها قيمة الخلق، وترتفع قيمة الطقوس.

عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد ليبلُغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة، وأشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم)) رواه الطبراني.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))، وفي رواية ((إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار)) رواه أبو داود في سننه، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن المسلم المسدَّد -يعني: الموفق- ليُدرك درجة الصُّوَّام القُوَّام بآيات الله بحسن خلقه، وكرم طبيعته)).

وبيَّن -صلى الله عليه وسلم- أن كرم المؤمن دينه، مكانته هي الدين، وأن المروءة في العقل، وأنّ الحسب إنما هو في حسن الخلق، فقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه أبو هريرة قال -عليه الصلاة والسلام: ((كرم المؤمن دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه)) رواه الحاكم.

وروى أبو ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليمًا، ولسانه صادقًا، ونفسه مطمئنة، وخلقته مستقيمة)) رواه ابن حبان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015