ومن الأسباب التي تجعل المسلم ينجو من الفتن العزلة عند الفتن، المسلم يعتزل الناس ويبتعد عن شرِّهم، ويخلو في بيته، فكما أمر بحفظ لسانه عليه أيضًا أن يبتعد عن الناس عندما تقع الفتن.
عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((من انقطع إلى الله كفاه الله كل مئونة، ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وَكَله الله إليها))، وعن أم ميسرة -رضي الله عنها- قالت قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أخبركم بخير الناس رجلًا؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فأشار بيده نحو المشرق، فقال: رجل آخذٌ بعنان فرسه في سبيل الله، ينظر أن يُغير أو يُغار عليه، ألا أخبركم بخير الناس بعده رجلًا؟ قالوا: بلى، فأشار بيده نحو الحجاز فقال: رجلًا في غُنيمة -يعني: مجموعة غنم صغيرة- يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، يعلم ما حقُّ الله تعالى في ماله، قد اعتزل الناس)) رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس لكنه مقبول.
وعن عدسه الطائي قال: "كنت بصراف -موضع- فنزل علينا عبد الله -يعني: عبد الله بن مسعود- فبعثني إليه أهلي بأشياء، وجاء غِلمة لنا كانوا في الإبل من مسيرة أربع ليالٍ بطير، فذهبت به إليه، فلما ذهبت به إليه سألني من أين جئتني بهذا الطائر؟ قال: قلت جاء غلمان لنا كانوا في الإبل من مسيرة أربع ليالٍ، فقال عبد الله: لوددت أني حيث صِيد لا أكلم أحدًا بشيء، ولا يكلمني أحد؛ حتى ألحق بالله -عز وجل".
وعن عبد الله بن عمرو أنه مرَّ بمعاذ بن جبل وهو قائم على بابه يُشير بيده كأنه يدسّ نفسه، فقال له عبد الله بن عمرو: ما شأنك يا أبا عبد الرحمن؟ تحدَّث نفسك قال: ما لي، يريد عدوَّ الله أن يلفتني عمَّا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: