ثم قال: "باب التورّع عن الشبهات" عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((اجعلوا بينكم وبين الحرام سُترة من الحلال)) فذكر الحديث، رواه الطبراني في حديث طويل، ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني المقدم ابن داود، وقد وُثِّق على ضعف فيه.
وعن عمار بن ياسر، أنّ رَسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما شبهات، من توقاهنَّ كنَّ وقاء لدينه، ومن وقع فيهنَّ يوشك أن يواقع الكبائر، كالمرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه لكل ملك حمى)) رواه أبو يعلى، وفيه موسى بن عبيدة، وهو متروك. وعن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبين ذلك شبهات، فمن أوقع بهنَّ فهو قمنَ -أي: خليق وجدير- أن يأثم، ومن اجتنبهنَّ فهو أوفر لدينه كمرتعٍ إلى جنب حمى، وحمى الله الحرام)) رواه الطبراني، وفيه سابق الجزري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وعن وائلة بن الأسقع قال: ((تراءيتُ للنبي -صلى الله عليه وسلم- بمسجد الخيف، فقال لي أصحابه: يا وائلة -أي: تنحى عن وجه النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنما جاء يسأل قال: فدنوت فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لتفتنا بأمر نأخذ به عنك من بعدك، قال: لتُفتك نفسك، قال: قلت: وكيف لي بذلك، قال: دعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك، وإن أفتاك المفتون، قلت: وكيف لي بعلم ذلك؟ قال: تضع يدك على فؤادك، فإن القلب يسكن للحلال ولا يسكن للحرام، وإن المسلم الورع يدع الصغير؛ مخافة أن يقع في الكبير. قلت: بأبي أنت ما المصيبة؟ قال: الذي يعينه قومه على الظلم، قلت: ما الحريص؟ قال: الذي يطلب المكسبة من غير حلّها، قلت: فمن الوَرِع؟ قال: الذي يقف عند الشبهة. قلت: فمن المؤمن؟