قالت: ((عَبِث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منامه)) قيل: معناه اضطرب بجسمه، وقيل: حرك أطرافه كمن يأخذ شيئًا أو يدفعه، ((فقلنا: يا رسول الله، صنعت شيئًا في منامك لم تكن تفعله، فقال: العجب إن ناسًا من أمتي يؤمُّون بالبيت برجل من قريش، قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خُسف بهم، فقلنا: يا رسول الله، إن الطريق قد يجمع الناس)) يعني: الطريق فيه الصالح، وفيه الطالح، وفيه من هو ذاهب يريد بيت الله الحرام، وفيهم من ليس يريد ذلك ((قال: نعم، فيهم المستبصر، والمجبور، وابن السبيل يهلكون مهلكًا واحدًا، ويصدرون مصادر شتَّى، يبعثهم الله على نيَّاتهم)) يعني: الذي لا يقصد هدم بيت الله لا يُؤاخذ على أنه خُسف به، يكفيه الخسف.
ثم بعد ذلك ذكر الإمام مسلم بابًا في نزول الفتن، وأنها كثيرة كمواقع القطر -يعني: المطر- يروي مسلم بسنده عن عروة، عن أسامة -أي: أسامة بن زيد -رضي الله عنهما: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أشرف على أُطم من آطام المدينة -يعني: حصن عال من حصون المدينة- ثم قال: هل ترون ما أرى، إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر"، مثل: المطر عندما ينزل.
وروى مسلم قال: حدثني عمرو الناقد، والحسن الحلواني، وعبد بن حميد قال عبد: أخبرني، وقال الآخران: حدثنا يعقوب، وهو ابن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، حدثني ابن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن: "أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرَّف لها تستشرفه، ومن وجد فيها ملجأ فليَعُذْ به)) يعني: القاعد في هذه الفتن خير من القائم، خير من الواقف، والقائم خير من الذي يمشي بين الناس بالفتنة، والذي يمشي بالفتنة -يعني: ببطء- خير من الساعي الذي يسعى