((إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل)) وأخبر أنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤوسًا جُهَّالًا فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا.
وقال الشعبي: لا تقومُ الساعة حتى يصير العلمُ جهلًا والجهل علمًا، وهذا كله من انقلاب الحقائق، في آخر الزمان وانعكاس الأمور، وفي صحيح الحاكم عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: ((إن من أشراط الساعة أن يوضع الأخيار، ويرفعَ الأشرار)) وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((يتطاولُونَ في البنيان)) دليل على ذمِّ التباهي والتفاخر؛ خصوصًا بالتطاول في البنيان، ولم يكن إطالةُ البناء معروفًا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بل كان بنيانهم قصيرًا بقدر الحاجة.
وروى أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس في البنيان)) خرجه البخاري، وخرج أبو داود من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج فرأى قبةً مشرفةً، فقال: ما هذه؟ قالوا: هذه لفلان رجل من الأنصار، فجاء صاحبُها، فسلم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعرض عنه، فعل ذلك مرارًا، فهدمها الرجل)) وخرجه الطبراني من وجه آخر عن أنس أيضًا وعنده. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كل بناء، وأشار بيده هكذا على رأسه أكثر من هذا فهو وبال)).
وقال حريث بن السائب عن الحسن: "كنت أدخل بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فأتناول سقفها بيدي". وروي عن عمر أنه كتب: "لا تطيلوا بناءكم؛ فإنه شر أيامكم" وقال يزيد بن أبي زياد: قال حذيفة لسلمان -يعني: سلمان الفارسي -رضي الله عنهم جميعًا- ألا نبني لك مسكنًا يا أبا عبد الله؟ قال: لم لتجعلني ملكًا؟ قال: لا، ولكن نبني لك بيتًا من قصب، ونسقفه بالبواري إذا