إن إنكار البعث وإعادة الحياة مرة أخرى بعد هذه الدلائل البينة في الأنفس والآفاق لا معنى لها.
شبهة منكري البعث: لقد استبعدت طوائف من الناس هذه الحقيقة زاعمين أنها مخالفة لما عهدوه من السنن المألوفة ومستبعدين ذلك مستعظمين أمره؛ لأن عقولهم لا تكاد تصدق إعادة الحياة إلى الأجسام بعد تفرقها وتحللها وبعد أن يتداخل بعضها في بعض؛ فإن الإنسان بعد أن يموت يتحول جسمه إلى تراب، ثم يتحول التراب إلى نباتٍ، فيتغذى إنسانٌ آخرُ بذلك النبات، ثم يموت، وهكذا- الإنسان تحول كغيره، وهكذا تتداخل الأجسام بعضها في بعض، فكيف يبعث الناس بعد هذا التداخل يجيب علماء العقائد عن هذه الشبهة بأن للإنسان أجزاء أصلية، وأجزاء عرضية، والأجزاء الأصلية تبقى كما هي، والعرضية هي التي تتحول وهذه الشبهة قديمة، ولا تزال تتردد في صدر الكثير.
والقرآن ذكر هذه الشبهة وعالجها وأجاب عنها قال تعالى: {وَقالوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (الجاثية: 24: 26).
فهؤلاء الذين استنكروا البعث رد الله عليهم بأن استبعادهم لا معنى له لأنهم يجهلون عظمة الله، وقدرته، وعلمه، وحكمته، وأنهم لا يبصرون في أنفسهم فهم أنفسهم أدل الدلائل وأقوى الحجج على نفي ما ينكرونه من البعث فالله أحياهم أولا وأماتهم ثانيًا، ولا تزال القدرة صالحة لإحيائهم مرة أخرى، وجمعهم مرةً أخرى يوم القيامة، ولا تزال القدرةُ صالحةً لإحيائهم مرة، وجمعهم مرة أخرى يوم القيامة، فأي استبعاد في هذا؟! قال