وَقد احْتج من زعم أَن الله تَعَالَى لَا يعلم الْأَشْيَاء بِأَن قَالَ إِنَّمَا اسْتَحَالَ أَن يُوصف بِأَنَّهُ يعلم الْأَشْيَاء لِأَن الْعلم بالأشياء يحْتَاج فِيهِ إِلَى إِدْرَاك الْحَواس وَتَقْدِيم الْمُقدمَات الَّتِي بهَا يتَوَصَّل إِلَى معرفَة الكليات من الجزئيات وَفِيه كَمَال الْعَالم وَيحْتَاج فِيهِ إِلَى تصور وتخيل والبارئ سُبْحَانَهُ يجل عَن أَن يُوصف بِأَنَّهُ يتَصَوَّر شَيْئا أَو يتخيله أَو أَنه ذُو حواس يتَوَصَّل بهَا إِلَى معرفَة شَيْء أَو يحْتَاج إِلَى مُقَدمَات وَأَن غَيره يفِيدهُ كمالا فِي ذَاته بل هُوَ الْمُفِيد الْكَمَال لكل كَامِل على مِقْدَار مرتبته وَهُوَ غَنِي عَن غَيره وَغَيره مفتقر إِلَيْهِ فَفِي وَصفنَا لَهُ بِأَنَّهُ يعلم غَيره نقص لَهُ لَا كَمَال
وجوابنا عَن هَذَا هُوَ أَن نقُول لَهُم
هَل تَزْعُمُونَ أَن البارئ تَعَالَى يشبه الْبشر فِي ذَاته وَصِفَاته أم هُوَ مُخَالف لَهُم فَإِن زَعَمُوا أَنه مشبه لَهُم بِالذَّاتِ وَالصِّفَات أَو فِي بعض ذَلِك لزم أَن يلْحقهُ من النَّقْص مَا يلْحق الْبشر وَأَن يلْزمه من الْحُدُوث مَا يلْزم سَائِر الْأَشْيَاء