وَمِمَّا يدل على ذَلِك من مذاهبهم اعْتِقَادهم وتصريحهم بِأَن الْعَالم إِنْسَان كَبِير كَمَا أَن الْإِنْسَان عَالم صَغِير فَكَمَا أَن المحسوسات تصل إِلَى النَّفس الْجُزْئِيَّة بتوسط الْحَواس الجسمانية بلازمان فتنطبع صورها فِي الْعقل الجزئي الهيولاني فَكَذَلِك فِي الْعَالم الَّذِي هُوَ الْإِنْسَان الْكَبِير أَشْيَاء هِيَ بِمَنْزِلَة الْحَواس للنَّفس الْكُلية الَّتِي هِيَ نفس الْإِنْسَان الْأَكْبَر يتَّصل بهَا من قبلهَا أَحْوَال الْعَالم بِلَا زمَان وَإِذا اتَّصَلت بِالنَّفسِ الْكُلية اتَّصَلت بِالْعقلِ الْكُلِّي كاتصالها بِالْعقلِ الجزئي وَإِذا اتَّصَلت بِالْعقلِ الْكُلِّي اتَّصَلت بالبارئ جلّ وَتَعَالَى لِأَن الْعقل الْكُلِّي لَا وَاسِطَة بَينه وَبَين الله تَعَالَى
فَهَذِهِ جمل من كَلَامهم تدل من تأملها على براءتهم من سوء تَأْوِيل من نسب إِلَيْهِم القَوْل بِأَن البارئ لَا يعلم الْأَشْيَاء وَلَا يعلم إِلَّا نَفسه