فذهب به جميع علم البصريين. قال: وكنت قد كتبت ذلك كله بخطي، وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئا البتّة إلّا نصف كتاب الطلاق عن محمد ابن الحسن» (?).

إذن، فظاهرة ضياع الكتب ظاهرة سائدة حتى في عصر المؤلفين أنفسهم، وقد بلى بهذه الظاهرة المجتمع الإسلامي منذ أن أصبحت الدولة دويلات، وزاد خطرها أكثر

حينما زحف التتار على بغداد، فالتهم تراث الأجداد.

وما لي أذهب بعيدا، وهذا السيوطي جمّاعة الكتب الذي لا يخلو مؤلف من مؤلفاته من ذكرها والتعريف بها يقول في كتاب: (ليس) لابن خالويه ي: «إنه كتاب حافل في ثلاث مجلدات ضخمات، وقد طالعته قديما، وانتقيت منه فوائد، وليس هو بحاضر عندي الآن» (?).

مع أن كتاب «ليس» المطبوع بمطبعة السعادة بتصحيح أحمد بن الأمين الشنقيطي ليست فيه هذه الضخامة التي ذكرها السيوطي مما يدل على أن الكتاب ضاع معظمه.

على أية حال، نحن- نحمد الله- إذ حفظ لنا كتاب الحجة من ألفه إلى يائه لم يضع منه شيء، ونحمده إذ وفقنا إلى تحقيقه، ويسّر لنا أمره حتى جاء، وقد رضيت عنه نفسي كل الرضا. وأسأل الله أن يتمّ النفع به.

مقارنة بين حجة أبي عليّ، وحجة ابن خالويه:

قدمت أن ابن مجاهد هو أول من سبع السبعة، وأنه بهذا العمل الذي انفرد به استطاع أن يفتح باب الاحتجاج بالقراءات في مجال اللغة والنحو، فتسابق تلاميذه ومعاصروه في التأليف في هذا الفن.

وأوّل من شرع في هذا من معاصريه «أبو بكر محمد بن السّريّ شرع في تفسير صدر من ذلك في كتاب كان ابتدأ بإملائه ولكنه لم يتمه» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015