سِرْبَالَهُ، وَمَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ.
وَقَالَ الْخَلِيل - رَحمَه الله -: منزلَة الْجَهْل بَين الْحيَاء والأنفة.
قَالَ أَبُو هِلالٍ: وَجَعَلَ الْحُكَمَاءُ مَنْزِلَةَ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ مَنْزِلَةِ الْمُلُوكِ.
فَقَالُوا: مِنْ أَدَبِ الدَّاخِلِ على العلام أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ عَامَّةً، وَيَخُصَّهُ بِالتَّحِيَّةِ، وَيَجْلِسَ قُدَّامِهِ، وَلا يُشِيرَ بِيَدِهِ، وَلا يَغْمِزَ بِعَيْنِهِ، وَلا يَقُولَ بِخِلافِ قَوْلِهِ، وَلا يَغْتَابَ عِنْدَهُ أحدا، وَلا يسَار فِي مَجْلِسِهِ، وَلا يُلِحَّ عَلَيْهِ إِذَا كَسِلَ، وَلا يَعْرِضَ عَنْ كَلامِهِ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلَةِ، لَا يَزَالُ يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْهَا شَيْءٌ ينَفْعُكَ.
وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ اسحق الْحَلَبِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ سَيَّارٍ الْمَنْبِجِيَّ يَقُول: سَمِعت مَالك بن أنس - رَحمَه الله -: يَقُول: وَجه إِلَيّ هَارُون الرشيد يسألني أَنْ أُحَدِّثَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْعِلْمَ يُؤْتَى وَلا يَأْتِي قَالَ: فَصَارَ إِلَى مَنْزِلِي فَاسْتَنَدَ مَعِي إِلَى الْجِدَارِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِجْلالَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، قَالَ: فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيَّ، قَالَ: فَقَالَ لي بَعْدَ مُدَّةٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَوَاضَعْنَا لِعِلْمِكَ فَانْتَفَعْنَا بِهِ، وَتَوَاضَعَ لَنَا عِلْمُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ.
وَكَانَ سُفْيَانُ يَأْتِيهم إِلَى بُيُوتِهِمْ فَيُحَدِّثُهُمْ وَيَأْخُذُ دَرَاهِمَهُمْ.
حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي