وَنَحْو ذَلِك أَن رجلا قَالَ لسقراط: كَيفَ حفظت هَذَا الْعلم فَقَالَ: أَوْقَدْتُ مِنَ الزَّيْتِ أَكْثَرَ مِمَّا شَرِبْتَ مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ: كُنْتُ أَحْضُرُ مَجْلِسَ أَبِي حَازِمٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْغَدَاةِ، من غير أَن يكون درس، لِئَلَّا أنفض عادتي من الْحُضُورِ.
وَاشَتَرى أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لَهُ جَارِيَةً، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، أَقْبَلَ عَلَى الدَّرْسِ، وَالْجَارِيَةُ تَنْتَظِرُ اجْتِمَاعَهُ مَعَهَا، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ سَارَتْ إِلَى النخاس وَقَالَتْ: حَبَسُونِي مَعَ مَجْنُونٍ.
فَبَلَغَ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى قَوْلُهَا، فَقَالَ: الْمَجْنُونُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَ الْعِلْمِ ثُمَّ ضَيَّعَهُ، أَوْ تَوَانَى فِيهِ حَتَّى فَاتَهُ.