الحاوي للفتاوي (صفحة 493)

يُزَادَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا مَا زِدْتُ» أَخْرَجَهُ أحمد، وأبو يعلى، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ فَانْظُرْ إِلَى هَذَا التَّوَقُّفِ مِنْ إِحْدَاثِ شَيْءٍ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ إِلَّا بِنَصٍّ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الرَّابِعُ: أَنَّ دَعْوَى أَنَّ الْجِدَارَ الْمُعَادَ مِلْكٌ لِلْمُعِيدِ يُقَالُ عَلَيْهِ أَوَّلًا هَدْمُ الْجِدَارِ الَّذِي قَبْلَهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ فَإِعَادَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْهَادِمِ، فَإِذَا أَعَادَهُ كَانَ بَدَلَ مُتْلَفٍ لَا مِلْكًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ فَإِعَادَتُهُ وَاجِبَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ أَوْ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا أُعِيدَ مِنْهُمَا كَانَ وَقْفًا كَمَا كَانَ لَا مِلْكًا، وَإِنْ أَعَادَهُ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى نِيَّةِ إِعَادَتِهِ لِلْمَسْجِدِ، فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ أَيْضًا أَوْ عَلَى نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَكَيْفَ يَبْنِي عَلَى نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فِي أَرْضِ الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ.

الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا الْجِدَارَ الْمُعَادَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَمْحَضَ جِدَارًا لِلْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ أَوْ يَجْعَلَ جِدَارًا لِلدَّارِ الَّتِي تُبْنَى مُلَاصِقَةً، وَيَكْتَفِي بِهِ عَنْ إِعَادَةِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ يُجْعَلُ جِدَارًا لَهَا، وَيُعَادُ جِدَارُ الْمَسْجِدِ كَمَا كَانَ، فَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَجُزْ إِهْمَالُ إِعَادَةِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوِ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ نَاظِرِ الْحَرَمِ الشَّرِيفِ إِعَادَةُ جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَتْرُكُهُ مَهْدُومًا، وَيَزِيدُ ذَلِكَ تَحْرِيمًا أَنْ يُبْنَى عَلَى أَرْضِ الْمَسْجِدِ، وَيُجْعَلَ جِدَارًا لِلدَّارِ، فَهَذَا فِيهِ أَخْذُ قِطْعَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ وَإِدْخَالُهَا فِي الدَّارِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَجَبَ فَصْلُ الدَّارِ مِنْهُ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ فِي الدَّارِ.

السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: " سُدُّوا الْأَبْوَابَ اللَّاصِقَةَ فِي الْمَسْجِدِ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ الْحُكْمَ بِجِدَارِهِ بَلْ عَلَّقَهُ بِاللُّصُوقِ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ كَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِهِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّ بَابٍ لَصِقَ بِهِ مِنْ أَيِّ جِدَارٍ كَانَ.

السَّابِعُ: أَنَّ الْحَدِيثَ الْآتِيَ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ بُنِيَ مَسْجِدِي هَذَا إِلَى صَنْعَاءَ كَانَ مَسْجِدِي» دَلَّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ مَسْجِدًا وَالَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَهُ فِي الْحُكْمِ، فَكَذَلِكَ يَسْتَوِي الْجِدَارُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ وَالَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَهُ فِي الْحُكْمِ.

الثَّامِنُ: لَوْ قُدِّرَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ احْتِيَاجُ بَعْضِ حِيطَانِ الْكَعْبَةِ إِلَى هَدْمٍ وَإِصْلَاحٍ، فَهَدَمَهَا الْإِمَامُ وَأَعَادَهَا فَهَلْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ الْحَائِطَ الَّذِي أَعَادَهُ مِلْكٌ لَهُ يَفْتَحُ فِيهِ مَا شَاءَ وَيَتَصَرَّفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015