قد عزموا على أَن يُدْخِلُوهُمْ الْحمام أَو يغذوهم لِأَن الْوَقْت الَّذِي تتَوَقَّع النّوبَة فِيهِ كَانَ فد حَان عَلَيْهِم من ذَلِك أَنِّي قد أحسست بِأَن الدّور قد ابْتَدَأَ لمعرفتي بِسُرْعَة الانقباض أَعنِي انقباض الْعرق فَإِنَّهُ قد يُمكن من قدر على معرفَة هَذَا النبض أَن يعرف الِابْتِدَاء دَائِما وتزيدها لِأَن الْوَقْت الَّذِي يصير النبض فِيهِ بالضد أَعنِي أَن يعظم الانبساط هُوَ المنتهي وَالْوَقْت الَّذِي يرجع النبض فِيهِ إِلَى الْحَال الطبيعية هُوَ انحطاطها. وَهَذِه الحميات إِنَّمَا يُمكن أَن تفصل فِيهَا هَذِه الثَّلَاثَة الْأَوْقَات. فَأَما الحميات المطبقة الَّتِي لَا أدوار لَهَا بِمَنْزِلَة حميات الدَّم فَلَيْسَ للحمى فِيهَا نوبَة وَلَا جُزْء من الْأَجْزَاء الَّتِي قدمنَا ذكرهَا لَكِن تعرف أَوْقَات الْمَرَض فِيهِ من جِهَة أُخْرَى غير هَذِه الْجِهَة.
لي الِاسْتِدْلَال على هَذِه بعلامات النضج وَذَلِكَ أَن هَذِه كلهَا نوبَة وَاحِدَة فَتسقط فِيهَا أزمان الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة. وَتَكون الْأَزْمَان الْكُلية هِيَ كل هَذَا الْمَرَض ويستدل عَلَيْهِ من النضج. وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ لم يتَبَيَّن نضج الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ الِابْتِدَاء لَا محَالة. وَإِذا بَان نضج ضَعِيف فَهُوَ التزيد. فَإِذا قَالَ: وَأما المطريطاوس فَإِن أَوْقَاتهَا خَمْسَة وَذَلِكَ لِأَن الْبدن لَا ينقى مِنْهَا الْبَتَّةَ. وابتداؤها وتزيدها مُضْطَرب وَذَلِكَ أَن للقشعريرة فِيهَا عودات ومنتهى طَوِيل وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَارَة تنبسط فِيهَا بكد فِي الْيَوْم الأول وَكَذَلِكَ انحطاطها طَوِيل لِأَنَّهُ يقف وقتا بعد وَقت بِحَالهِ كَمَا كَانَ عِنْد)
الصعُود بِحَالهِ حينا بعد حِين ثمَّ تصعد فَأَما فِي الْيَوْم الثَّانِي فَإِن أوقاته الطَّوِيلَة فِيهِ أقصر وَحَال الْيَوْم الثَّالِث حَال الْيَوْم الأول وَالثَّانِي كالرابع وَدَلَائِل الحميات فِيهَا مَوْجُودَة أَعنِي سرعَة الانقباض وميل الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن والقشعريرة وَالِاضْطِرَاب. وَقد يطول وَقت الصعُود والانحطاط والمنتهى وَيقصر أَيْضا بِحَسب الْأَبدَان.
لي لم يبين فيمَ ذَلِك وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن الصعُود يعسر فِي الْأَبدَان البلغمية والانحطاط فِي الْأَبدَان المرارية وبالضد فَأَما الْمُنْتَهى فَإِن طوله تَابع لطول الانحطاط وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الانحطاط عسراً طَال المنتهي فَأَما إِذا كَانَ الصعُود عسراً فَلَا لِأَن الطول كُله حِينَئِذٍ فِي الصعُود والصعود لَا يشبه الْمُنْتَهى لِأَن الْمُنْتَهى الْوَقْت الَّذِي الْأَعْرَاض فِيهِ فِي غَايَة الْعظم. فَأَما الانحطاط فَمَا لم يبن النَّقْص بَيَانا ظَاهرا فَإِنَّهُ منتهي.