قَالَ: وَالْوَقْت الأول بِالْحَقِيقَةِ فِي جَمِيع الدّور هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئ فِيهِ القشعريرة ويبرد فِيهِ الْبدن ويتغير النبض التَّغَيُّر الَّذِي وَصفنَا وَالْوَقْت الثَّانِي بعد هَذَا الْوَقْت وَقت تغير النبض إِلَى حرارة وانتشارها انتشاراً مُتَسَاوِيا وَالْوَقْت الثَّالِث الْوَقْت الَّذِي تتزيد فِيهِ هَذِه الْحَال أَعنِي الْحَرَارَة باستواء. وَالْوَقْت الرَّابِع الْوَقْت الَّذِي تبقى فِيهِ الْحَرَارَة بِحَالِهَا. وَالْوَقْت الْخَامِس الْوَقْت الَّذِي تنقص فِيهِ الْحَرَارَة ويبدو البخار من الْبدن وَيبدأ النبض يرجع فِيهِ إِلَى الْحَال الطبيعية ويطرح عَنهُ الْعظم والسرعة والتواتر والصلابة ويعرق الْبدن فِي أَكْثَرهم فِي هَذِه الْحَال.
ثمَّ الْوَقْت السَّادِس وَقت غب الْحمى وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يكون الْبدن فِيهِ نقياً لَا قَلَبة بِهِ.
قَالَ: وَقد تفهم هَذِه الْأَوْقَات بالنبض وَذَلِكَ أَن جَمِيع من يحم غبا يُصِيبهُ بَغْتَة اضْطِرَاب أَو قشعريرة فِي بدنه كُله ثمَّ يحس بعد تِلْكَ القشعريرة بِبرد قوي ويصيبه نافض ثمَّ يسكن النافض بعد ذَلِك بِمدَّة ويقل برد الْأَطْرَاف ويبتدئ يحس بتلهب فِي دَاخل بدنه بأجمعه وعطش ثمَّ بعد ذَلِك يبطل برد الْأَطْرَاف والنافض بتة ويتوقد بدنه توقداً مستوياً ويتزيد ذَلِك فِيهِ دَائِما إِلَى مُدَّة مَا تقف عِنْدهَا الْحَرَارَة وتلبث مُتَسَاوِيَة ثمَّ أَنه يحس بعد ذَلِك تنتقص الْحَرَارَة وَلَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يصير الْبدن إِلَى الْحَال الأولى الَّتِي لم يكن يحس فِيهَا شَيْئا. فَهَذِهِ هِيَ الْأَوْقَات فِي حمى غب.
قَالَ: فَمثل هَذِه الْفُصُول أَو مَا يقرب مِنْهَا يُوجد فِي جَمِيع الحميات حَتَّى أَنه يُوجد فِي المطريطاوس مَا خلا الحميات اللَّازِمَة وَذَلِكَ أَن هَذِه لَا يحس لَهَا بابتداء بَين وَلَا انحطاط بَين.
قَالَ: وَأما الحميات الَّتِي لَا تغب أَعنِي الَّتِي لَا يَنْفِي الْبدن مِنْهَا فِي فتراتها فَإِنَّهَا يجب)
ضَرُورَة مَتى كَانَ مَعَ ابْتِدَاء النّوبَة ألف هـ انقباض وأعني بالانقباض برد الْبدن وَذَلِكَ أَنه يلْحق الْبرد حَرَكَة النبض إِلَى دَاخل وصعوده لِأَن الدَّم يغور فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يكون بعد هَذَا الْعَارِض اضْطِرَاب ثمَّ صعُود ثمَّ مُنْتَهى ثمَّ انحطاط.
وَأما إِذا لم يكن فِي ابْتِدَاء النّوبَة انقباض محسوس فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يصير وَقت الِابْتِدَاء وَالِاضْطِرَاب والتزيد وقتا وَاحِدًا فَيكون الْوَقْت الَّذِي بَين ابْتِدَاء الْحمى ومنتهاها صعُودًا كُله لِأَن الانقباض إِذا لم يعرض فَمن الْبَين أَن الِاضْطِرَاب أَيْضا لَا يعرض.
وَأما الْمُنْتَهى فَلم نجده قطّ بَطل فِي مرض من الْأَمْرَاض لَكنا نجد لجَمِيع الحميات اسْتِوَاء محسوساً لابثاً على حَال وَاحِدَة وقتا مَا.
قَالَ: وَأعظم الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لابتداء النوائب وَأَشْرَفهَا الانقباض وحركة النبض إِلَى دَاخل أَعنِي سرعَة الانقباض فَإِن كَانَ نافض فصغر النبض وتفاوته وإبطاء الانبساط فَإِن هَذِه يحدث بِسَبَب الْبرد. ولاستقصاء معرفتي بِهَذِهِ الْأَشْيَاء قد منعت مرضِي كثيرا كَانَ الْأَطِبَّاء