من الرَّابِعَة من حفظ الصِّحَّة: الفضول المائلة إِلَى الْحر العفنة والمالحة إِذا تحركت حَرَكَة ضَعِيفَة أحدثت إعياء وَإِن كَانَت كَثِيرَة أحدثت نافضاً بِلَا حمى تتبعه. وعلاج هَذِه الفضول إِن تحيلها وتفرغها إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن فِي كل فضلَة أَن تستحيل إِلَى الشَّيْء الْجيد أَعنِي الدَّم وَهَذِه يَنْبَغِي أَن تستفرغ فَمَتَى كَانَت الفضلة بعيدَة من طبيعة الْبدن فِي الْغَايَة فَلَا يُمكن أَن يَسْتَحِيل بل يجب أَن يستفرغ بِسُرْعَة وَمَتى كَانَت قريبَة من الطبيعة فأنضجها.
لي إنضاج هَذِه الْحمى يكون على مَا وَصفه ج فِي بَاب الْحمى العتيقة الَّتِي من بلغم وَهُوَ بِالنَّوْمِ الزَّائِد وتقليل الْغذَاء وَاسْتِعْمَال الرياضة والدلك حَتَّى يتفرغ مِنْهَا أَيْضا شَيْء وينضج الْبَاقِي وَأما استفراغها فَيكون بالقيء والإسهال وإدرار الْبَوْل والرياضة والدلك بعده وَلَا تمنع من تُرِيدُ إنضاج الكيموسات من الشَّرَاب لِأَنَّهُ أبلغ فِي إنضاجها وَهُوَ يدر الْبَوْل مَعَ ذَلِك والعرق وبجلب النّوم وَذَلِكَ يحْتَاج إِلَيْهِ ليستفرغ جله وينضج الْبَاقِي بِالسُّكُونِ وَالنَّوْم واستعن بِبَاب الإعياء حَيْثُ عَلَيْهِ هَذِه الْعَلامَة وبباب الغشية الَّتِي من البلغم فِي بَاب جمل الحميات واستعن بالرابعة من تَدْبِير الأصحاء وَمن حَيْثُ على الْحَاشِيَة تَدْبِير الأخلاط الخامة وَعَلِيهِ هَذِه العلامات ... أَو بالمقابلة الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء نَحْو نصفهَا.)
لي رَأَيْت الْعِمَاد فِي قلع النافض الَّذِي لَا يسخن على الْأَدْوِيَة ألف هـ الَّتِي تدر الْبَوْل الغليظ الْكثير وَالتَّدْبِير اللَّطِيف نَحْو الأنيسون والنانخواه والمر والأشق والأبهل والوج والبطراس اليون.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: لنفرياس من الحميات المحرقة الخبيثة الرَّديئَة. والنافض يحل الْحمى المحرقة وَإِن لم يحلهَا أنذر بِالْمَوْتِ. وَمن أَصَابَهُ نافض فِي كل يَوْم من أَيَّام حماه فَإِن حماه تَنْقَضِي فِي كل يَوْم. لِأَن النافض إِنَّمَا يكون عِنْدَمَا ينبث المرار وينتشر فِي الْبدن كُله وَلذَلِك يستفرغ وينتقص عَن الْبدن فبالواجب صَارَت الحميات الَّتِي يتقدمها نافض ينقى الْبدن مِنْهَا وَإِن كَانَ النافض يعرض غبا أَو ربعا فَإِن الْحمى تَنْقَضِي فِي ذَلِك الْيَوْم.
الْخَامِس من الْفُصُول: النافض أَكثر مَا يَبْتَدِئ من الظّهْر من أَسْفَله ويرتقي إِلَى الرَّأْس لِأَن هَذَا الْموضع أبرد مزاجاً وَأكْثر عصباً وَأَقل دَمًا وَأَشد تكاثفاً ومقدم الْبدن أَكثر عروقاً ودماً وَأَشد تخلخلاً فَلذَلِك يَبْتَدِئ النافض من الظّهْر أَكثر وخاصة فِي النِّسَاء لِأَنَّهُنَّ أبرد.
لي لَيْسَ لنفورياس وَهِي الَّتِي يحس فِيهَا بَحر وَبرد مَعًا هِيَ من الحميات المحرقة لَكِن من المحرقة القتالة نوع حَالهَا هَذِه الْحَال وَهُوَ أَنه يحس فِيهَا بَاطِن الْبدن يَحْتَرِق وَظَاهره بَارِد فَإِن ذَلِك فِي كتاب سوء المزاج الْمُخْتَلف.