الحاوي في الطب (صفحة 2114)

الفضول وَقد ذكرنَا هَذَا فِي غير مَوضِع. من ذَلِك قَوْله: المرتان تحدثان النافض الَّذِي لَا حمى مَعَه فَإِن كَانَ لَهما عفن يسير أحدثتا الْحمى الَّتِي يحس صَاحبهَا بنافض وصالب مَعهَا فَإِن كَانَت العفونة كَثِيرَة أعقب النافض صالباً وَلَا يكَاد يكون من البلغم الحلو إِذا عفن نافض قبل الْحمى.

قَالَ: وَلَيْسَ بِبَعِيد أَن يتَوَهَّم متوهم أَن هَذِه الحميات مركبة لِأَن الشَّيْء الَّذِي يعْمل النافض فِيهَا غير الشَّيْء الَّذِي يحدث الْحمى إِلَّا أَن الْكَلَام فِي ذَلِك بحث طبيعي زعم. اسْتَعِنْ لتعرف سَبَب النافض فِيهَا من الْأَسْبَاب الحارة بالخامسة من الْعِلَل والأعراض وجوامع ذَلِك لِأَن الفضلات الحارة تلدغ العضل إِذا مرت بِهِ وَيكون ذَلِك بِحَسب حدتها وَحسب سرعَة حركتها وَحسب كَثْرَة حس الْبدن.

الْخَامِسَة من الْعِلَل: النافض يكون من حرارة أَو برودة. وَالَّذِي من حرارة إِن كَانَ من جنس الْهَوَاء فَإِن التبريد دواؤه وَإِن كَانَ هَذَا الْحَار رطبا تبعه حمى ودواؤه الاستفراغ وَالَّذِي من برد فَإِنَّهُ إِن كَانَ من جنس الْهَوَاء فدواؤه الإسخان فَقَط وَإِن كَانَ رطبا فَمرَّة يَكْفِيهِ النضج وَحده أَو مَعَ استفراغ أُخْرَى وَمرَّة بهما جَمِيعًا.

وَقَول من قَالَ: إِن النافض لابد أَن يتبعهُ حمى بَاطِل والنافض بِلَا حمى يتبعهُ حمى لَيْسَ قوته كقوة النافض الْمُتَقَدّم حميات الغب وَالرّبع والكائن بِهِ بحران المحرقة. وَمن شَأْن هَذَا النافض أَن يكون عِنْد التملؤ من طَعَام وشراب وَلَا يرتاض ويستحم كثيرا بعد الطَّعَام وَأَن يكون طَعَامه أبرد فِي كيفيته. فَإِن حُدُوث النافض الَّذِي لَا يسخن بِهِ أسهل وأهون وأسرع.

قَالَ: وَمُدَّة النافض تكون بِحَسب قوته فَمَتَى كَانَ أقوى كَانَت مدَّته أقل.

جَوَامِع الْعِلَل: الشَّيْء الْكَائِن مِنْهُ نافض قد يكون خلطاً رطبا وَيكون خلطاً هوائياً وَهَذَانِ)

الخلطان يكونَانِ إِمَّا حارين وَإِمَّا باردين فَإِن كَانَ هوائياً وَكَانَ حاراً كهواء الْحمام وَالشَّمْس الْمُحدثين للنافض فشفاؤه التبريد. وَإِن كَانَ بَارِدًا كريح الشمَال فشفاؤه الإسخان وَإِن كَانَ خلطاً رطبا حاراً فشفاؤه الاستفراغ وَإِن كَانَ بَارِدًا فشفاؤه الإسخان وَإِن كَانَ قَلِيل الإنضاج وَكَانَ كثيرا فاستفرغ أَكْثَره ثمَّ انضج مَا بَقِي.

قَالَ: والنافض إِذا كَانَ من سَبَب حَار كالمرة ألف هـ الصَّفْرَاء تَبعته حمى وَإِن كَانَ من سَبَب بَارِد كالكائن من سَوْدَاء تَبعته حمى والكائن من بلغم إِن عفن كُله كَانَ مَعَه حمى كل يَوْم وَإِن عفن بعضه وَبَعضه لَا كَانَ عَنهُ انقياليس وَهِي الَّتِي تَجْتَمِع فِيهَا حرارة وبرودة فِي حَال فَإِن لم يعفن الْبَتَّةَ لم تكن تلْحقهُ حمى.

قَالَ: من النافض صنف يتبعهُ الْمَوْت وَهُوَ الَّذِي من ضعف الْقُوَّة. والنافض مركب من شَيْئَيْنِ: من الانتفاض والرعدة والرعدة تكون من شدَّة الْقُوَّة الدافعة الَّتِي فِي العضل وَلذَلِك مَتى كَانَ سَبَب النافض حاراً كَانَت الرعدة أَشد لِأَن السَّبَب الْحَار أَكثر حَرَكَة وَلذَلِك هُوَ أَزِيد أَذَى وَالدَّم يرجع إِلَى قَعْر الْبدن فِي النافض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015