الحاوي في الطب (صفحة 1940)

عظما وَيبقى لَهُ استواؤه الطبيعي والنظام واللين وَكَذَا الْبَوْل فَأَنَّهُ رُبمَا كَانَت فِيهِ غمامة حميدة أَو رسوب مَحْمُود وَكله حسن اللَّوْن وَأما الْحَرَارَة فَأَنَّهَا بخارية لَا محَالة إِلَّا أَنه رُبمَا تبين لَك ذَلِك من أول وضعك يدك عَلَيْهِ وَرُبمَا تبين بعد سَاعَة وَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء من أَعْرَاض الْحمى الخبيثة كالأنف الدَّقِيق والصدغ اللاطىء وَنَحْو ذَلِك وَبَوْل جَمِيعهم حسن أصفر مشبع وَإِذا عرضت من سهر فَأَنَّهُ يهيج لَونه وَلَا يشيل جفْنه وَصَاحب الْهم تَجف عينه وَفِي الْغَضَب لَا تغور الْعين وَلَا يصفر اللَّوْن وَلَا تَجِد عظم نبضهم نَاقِصا كَمَا ينقص فِي أَصْحَاب السهر وَالْغَم وَفِي التَّعَب يقحل الْجلد وَمن أشرف بَغْتَة صغر نبضه والمستحصف الْجلد لَا يخفى لمسه على مَا قد لمسه مَرَّات وَيبدأ أَيْضا بطول وضع الْيَد عَلَيْهِ وَلَا يكون بَوْله مشبع الصُّفْرَة وَلَا بدنه ضامراً وَلَا عينه غائرة كالتعب وَالْغَم والسهر وَلَا النبض أَيْضا أَصْغَر كالحال فِي هَؤُلَاءِ لكنه كَأَنَّهُ أعظم وأرطب.

وَالَّتِي من ورم الغدد فالنبض عَظِيم جدا وسريع متواتر جدا ويرتفع من بدنه ندى حَار لذيذ والحرارة فِي هَذِه والحدة اقل مِنْهَا فِي جَمِيعهَا وَالْوَجْه أَشد حمرَة وانتفاخاً مِنْهُ فِي حَال الصِّحَّة وَالْبَوْل يمِيل إِلَى الْبيَاض.)

أبيذيميا: إِذا كَانَت الْحمى بعقب ورم اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي الحالب وَغَيره ثمَّ كَانَ لورم ذَلِك اللَّحْم سَبَب باد من خراج أَو ضَرْبَة أَو غير ذَلِك من خَارج فَأَنَّهَا حمى يَوْم وَإِن لم يكن كَذَلِك لَكِن ورم من ذَات نَفسه فَأَنَّهَا حمى شَرّ تدل على ورم فِي الْبَاطِن وَلَيْسَت يومية بل طَوِيلَة.

أبيذيميا: فِي حمى تَعب يَنْبَغِي أَن يصب المَاء الْحَار فِي الْحمام على رَأسه ويستحم إِلَى أَن تعرق قَالَ ج: قد عرض لي مَرَّات أَن حممت من أعياء فَعرض لي مَعَه سعال يَابِس يسير كَمَا يَقُول أبقراط وَسبب ذَلِك هُوَ فَسَاد مزاج آلَات النَّفس وَهُوَ سعال يسير لَا نفث مَعَه خَفِيف غير رَدِيء.

لي هَذَا الأعياء لَيْسَ هُوَ كالكائن من ذَات نَفسه لِأَن ذَلِك يكون عَن فَسَاد الأخلاط والأمتلاء وجالينوس شَدِيد التحفظ من ذَيْنك جدا.

لي النَّفس يجْرِي فِي كثير من الْأَشْيَاء مجْرى النبض وَسُرْعَة أخراج النَّفس تدل على أَن فِي الْقلب بخارات حارة جدا وَهَذِه انما تكون فِي حميات عفن فَإِذا رَأَيْت النَّفس يخرج بِسُرْعَة وَشدَّة فَلْيَكُن أحد دلائلك على أَن الْحمى حمى عفن كَمَا أَنه أَن كَانَ الأنقباض أعظم من الأنبساط فِي النبض علمت لَا شكّ أَنَّهَا حمى عفن لَكِن الْأَمر فِي النَّفس أبين مِنْهُ فِي النبض لِأَن مُدَّة الأنبساط والأنقباض فِيهِ أطول.

الْفُصُول: إِذا كَانَ حُدُوث الورم فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي الأربيتين وَنَحْوهمَا من سَبَب باد وَكَانَ مَعَه حمى فَلَيْسَتْ هَذِه الْحمى خبيثة بل هِيَ حمى يَوْم وَأما أَن كَانَ ذَلِك الورم من غير سَبَب باد فَأَنَّهُ لَا تكَاد تحدث إِلَّا مَعَ أورام حادة فِي الأحشاء وَلذَلِك فالحمى الَّتِي تكون مَعهَا هِيَ حمى خبيثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015