الحاوي في الطب (صفحة 1939)

تكون أَعينهم سريعة الْحَرَكَة ناتئة ووجوهم وأبدانهم ممتلئة وأبوالهم حمر والنبض كَبِير مشرف فَهَؤُلَاءِ يحتال لتسكين غضبهم وليحذروا الشَّرَاب حَتَّى يسكن غضبهم وَلَا يدخلُوا الْحمام خوفًا أَن تحمى أخلاطهم أَكثر أَو تعفن أَو ترق اكثر أَو تسيل إِلَى بعض الْأَعْضَاء وَيحدث ورم ويغذون باغذية مرطبة.

وَالَّتِي من الْغم يكون الْفِكر ظَاهرا عَلَيْهِم فدبرهم بالترطيب. والكائنة عَن سهر يكون مهبج الْوَجْه لفقد الهضم غائر الْعَينَيْنِ سَاقِط الأجفان كَأَنَّهُ يُرِيد النّوم وَيكون الْبَوْل كدراً لعدم الهضم وعلاجهم بِالنَّوْمِ ودلك الْأَطْرَاف لينحدر البخارات من رؤوسهم ويطعمون ويسقون الشَّرَاب وينومون بِاللَّيْلِ خَاصَّة فَأَنَّهُ أَجود لَهُم.

حمى يَوْم أما أَن تَنْقَضِي بتة أَو تؤول إِلَى سونوخوس أَو إِلَى دق أَو إِلَى حمى عفن فاستدل على مَا قد آلت إِلَى الدق بِلُزُوم حمى ضَعِيفَة الْحَرَارَة متساويتها وحرارة الشرايين أَكثر من الْبدن وَصغر النبض وصلابته وهيجان الْحَرَارَة عِنْد الأغتذاء يصحح لَك أَن يكون الْبدن مستعداً لَهَا وَإِذا انْتَقَلت إِلَى سونوخس صَارَت الْحَرَارَة اكثر والأمتلاء فِي الْبدن ظَاهر وَالْبدن يكون من الْأَبدَان الْكَثِيرَة الدَّم وَحمى يَوْم الْمُتَقَدّمَة لَهَا من جنس مَا يجمع فِي الْبدن امتلاء من جنس الَّتِي تحلل عَن الْبدن كالسهر والتعب وَإِذا آلت إِلَى عفن فَأَنَّهُ رُبمَا أحدثت أقشعراراً وَاخْتِلَاف النبض وصغره ولذع الْحَرَارَة ويبسها وتبعها أَعْرَاض تِلْكَ الْحمى الَّتِي آلت إِلَيْهَا.

قَالَ الْيَهُودِيّ: حمى يَوْم تعرض عَن الأمتلاء أَيْضا وَمن الأستفراغ.

لي الكائنة من الأمتلاء هِيَ الَّتِي يسميها جالينوس الكائنة من سدد فَأَما من الأستفراغ فَانْظُر فِيهِ وَيَنْبَغِي أَن تنظر فِي أَسبَاب حمى يَوْم الْبَادِيَة حَتَّى تعلم على الْحَقِيقَة أجناسها وَأَنا أَقُول: أَن)

الأستفراغ يحدث حرارة لِأَن التَّعَب والسهر إِنَّمَا هُوَ استفراغ وَبِذَلِك يحمى مزاج الْبدن لِأَن رطوباته تقل. فَيَنْبَغِي أَن تَقول: أَن حميات يَوْم تكون مِمَّا يحمي الْبدن ومزاج الْقلب وَالَّتِي تَحْمِي الْبدن إِمَّا زِيَادَة جزئية وَذَلِكَ يكون بالأغذية والاشربة والأدوية إِمَّا بالكمية وَإِمَّا بالكيفية وَمنع التَّحَلُّل من التكاثف والسدد وَإِمَّا بِنُقْصَان رُطُوبَة مِنْهُ وَذَلِكَ يكون كالكائنة عَن السهر وَالصَّوْم والحزن وَجَمِيع ماأشبه ذَلِك مِمَّا يحلل الْبدن قَلِيلا فَأن هَذَا أَيْضا بنقصانه للرطوبة يحمي الْبدن وَإِمَّا مِنْهُمَا جَمِيعًا كالكائنة من الأحتراق فِي الشَّمْس وَالْمَشْي المفرط وَنَحْو ذَلِك.

الْيَهُودِيّ قَالَ: حمى يَوْم تبدأ مُنْذُ أَولهَا بِشدَّة وَعند النتهى ذَات لين سريع حَتَّى كَانَ عظمها هُوَ الأبتداء وَحمى عفن تبدأ بلين وتصعب عِنْد النتهى وتعظم أعراضها وتطول.

قَالَ: فحمى يَوْم لَا يكون ابْتِدَاؤُهَا هيناً وَلَا مُنْتَهَاهَا صعباً وَحمى عفن بالضد والنبض النبسط فِي أول الْحمى يدل على حمى يَوْم والمنقبض على حمى عفن.

قَالَ: وَإِذا رَأَيْت فِي هبوط الْحمى عرقاً كثيرا فَاعْلَم أَن الْحمى لَيست يومية. قَالَ: وعماد الْأَطِبَّاء فِي معرفَة حمى يَوْم على عدم النافض وَشدَّة الأبتداء ولين الْمُنْتَهى.

البحران قَالَ: تعرف حمى يَوْم بِأَن النبض يزْدَاد فِيهَا سرعَة وتواتراً وَكَثِيرًا مَا يزْدَاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015