وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: فَصْلُ التَّشَاجُرِ فِي حُقُوقِ الْأَمْلَاكِ مِنَ الشُّفْعَةِ وَالْمِيَاهِ وَالْحُدُودِ وَالِاسْتِطْرَاقِ وَالْعَمَلِ بِشَوَاهِدِ الْأَبْنِيَةِ. فَأَمَّا مَخَارِجُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَجْنِحَةِ إِلَى الطُّرُقَاتِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ.
فَإِنْ جَاءَهُ فِيهِ مُتَظَلِّمٌ نَظَرَ فِيهِ وَدَخَلَ فِي وِلَايَتِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ مُتَظَلِّمٌ دَخَلَ فِي الْحِسْبَةِ وَكَانَ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى اجْتِهَادٍ تَفَرَّدَ الْمُحْتَسِبُ بِهِ وَإِنِ افْتَقَرَ إِلَى اجْتِهَادٍ كَانَ الْقَاضِي أَحَقَّ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ وَأَوْلَى مِنَ الْمُحْتَسِبِ ويَكُونُ الْمُحْتَسِبُ فِيهِ مُنَفِّذًا لِحُكْمِ الْقَاضِي.
وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: الْوِلَايَةُ عَلَى الْأَيَامَى فِي عُقُودِ مَنَاكِحِهِنَّ لِأَكْفَائِهِنَّ عِنْدَ عَدَمِ أَوْلِيَائِهِنَّ أَوْ غَفْلِهِنَّ. وَأَسْقَطَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ وِلَايَتِهِ مَعَ الْبُلُوغِ لِتَجْوِيزِهِ لَهُنَّ أَنْ يَنْفَرِدْنَ بِالْعَقْدِ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ.
وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: الْوِلَايَةُ عَلَى ذَوِي الْحَجْرِ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ إِذَا عُدِمَ أَوْلِيَاءُ النَّسَبِ أَوْ لِسَفَهٍ يُوقَعُ بِهِ الْحَجْرُ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ وِلَايَةُ ذِي النَّسَبِ وَيَرْتَفِعُ بِإِينَاسِ الرُّشْدِ وَفَكِّ الْحَجْرِ.
فَأَمَّا أَمْوَالُ الْغَائِبِينَ عَنْهَا: فَإِنْ عَلِمُوا بِهَا فَلَا نَظَرَ لِلْقَاضِي فِيهَا لِوُقُوفِهَا عَلَى اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا، لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهَا وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي نَظَرِ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا حَتَّى يَقْدَمُوا أَوْ يُوكِلُوا فَتَخْرُجَ حِينَئِذٍ مِنْ نَظَرِهِ.
الْقِسْمُ السَّابِعُ: الْحُكْمُ بِنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ وَالزَّوْجَاتِ وَالْعَبِيدِ وَتَقْدِيرُهَا بِرَأْيهِ وَاجْتِهَادِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّامِنُ: النَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ وَالْوَصَايَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَاظِرٌ تَوَلَّاهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَاظِرٌ واعاها فَإِنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنِينَ سَقَطَ الِاجْتِهَادُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَتْ لِمَوْصُوفِينَ تَعَيَّنُوا بِاجْتِهَادِ النَّاظِرِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبِاجْتِهَادِ الْقَاضِي عِنْدَ الْحُكْمِ.
وَالْقِسْمُ التَّاسِعُ: النَّظَرُ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ وَالتَّقْلِيدِ وَالْعَزْلِ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى اجْتِهَادِهِ سَوَاءٌ وَافَقَ فِيهِ اجْتِهَادَ مَنْ قَلَّدَهُ أَوْ خَالَفَهُ إِلَّا فِي التَّقْلِيدِ وَالْعَزْلِ فَيَكُونُ اجْتِهَادُ مَنْ قَلَّدَهُ فِيهِ أَنْفَذَ.
وَالْقِسْمُ الْعَاشِرُ: إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا فِيمَا تَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ إِقَامَةِ حَدِّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا وَالْقِصَاصِ فِي الْجِنَايَاتِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ.
فَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِحُقُوقِ اللَّهِ الْمَحْضَةِ كَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِاجْتِهَادٍ كَانَ الْقَاضِي أَحَقَّ بِهَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ وَيَأْمُرُ وُلَاةَ الْمُعَاوِنِ بِاسْتِيفَائِهَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ مُبَاشَرَتِهَا بِنَفْسِهِ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَعْمَلُوا بأمره فيها.