الْعُمُومِ، وَلَيْسَ لَهُ النَّظَرُ إِلَّا فِي سَبْتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَوَّلُ سَبْتٍ يَكُونُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ، فَإِذَا نَظَرَ فِيهِ انْعَزَلَ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْظُرَ فِي غَيْرِهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُقَلِّدَهُ النَّظَرَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُحْمَلُ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ تَنَازُعٍ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَلِّدَهُ النَّظَرَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ فَيُحْمَلُ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْخُصُوصِ فِي سَبْتٍ وَاحِدٍ هُوَ بَقَاءُ الْخَصْمَيْنِ فَحُمِلَ النَّظَرُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْعُمُومِ وَانْقِضَاءِ السَّبْتِ فَحُمِلَ النَّظَرُ فِيهِ عَلَى الْخُصُوصِ.
فَلَوْ قَلَّدَ قَاضِيًا أَنْ يَنْظُرَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ وَقَلَّدَ آخَرَ أَنْ يَنْظُرَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُورَ النَّظَرِ عَلَى يَوْمِهِ.
فَإِنْ تَرَافَعَ خَصْمَانِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ إِلَى قَاضِيهِ وَلَمْ يَنْفَصِلِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا فِيهِ حَتَّى رَجَعَا فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَانَ قَاضِي الْأَحَدِ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا مِنْ قَاضِي السَّبْتِ.
وَلَوْ تَنَازَعَ خَصْمَانِ فَدَعَا أَحَدُهُمَا إِلَى قَاضِي السَّبْتِ وَدَعَا الْآخَرُ إِلَى قَاضِي الْأَحَدِ، فَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي يَوْمِ السَّبْتِ كَانَ قَاضِيهِ أَحَقُّ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَانَ قَاضِيهِ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَيَّامِ لَمْ يَتَرَجَّحْ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَأْنِفَا التَّرَافُعَ فِي أَحَدِ الْيَوْمَيْنِ فَيَصِيرُ قَاضِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا. وَهَكَذَا الْحُكْمُ إِذَا قَلَّدَهُ النَّظَرَ فِي شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ فَيَكُونُ مَقْصُورَ الْوِلَايَةِ عَلَى ذَلِكَ الشَّهْرِ لَيْلًا وَنَهَارًا لِأَنَّ الشَّهْرَ يَجْمَعُهُمَا.
فَهَذَا حُكْمُ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ من أقسامه الثلاثة.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ وَهُوَ النَّظَرُ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ عَامٌّ وَخَاصٌّ:
فَأَمَّا الْعَامُّ: فَهُوَ أَنْ يُقَلِّدَهُ النَّظَرَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَتَكُونُ وِلَايَتُهُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَمِيعِ مَا يَخْتَصُّ بِنَظَرِ الْقُضَاةِ وَتَشْتَمِلُ عَلَى عَشَرَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: تَثْبِيتُ الْحُقُوقِ عِنْدَ التَّنَاكُرِ مِنْ دُيُونٍ فِي الذِّمَمِ وَأَعْيَانٍ فِي الْيَدِ بَعْدَ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَسُؤَالِ الْخَصْمِ، وَثُبُوتُهَا يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: إِقْرَارٌ أَوْ بَيِّنَةٌ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: اسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَ التَّمَانُعِ وَالتَّدَافُعِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ أَلْزَمَ الْخُرُوجَ مِنْهَا وَحَبَسَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَعْيَانًا سَلَّمَهَا إِنِ امْتَنَعَ الْخَصْمُ مِنْ تَسْلِيمِهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: النَّظَرُ فِي الْعُقُودِ مِنَ الْمَنَاكِحِ وَالْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيهَا لِيَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا وَالتَّحَالُفِ عَلَيْهَا.