أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ - يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لِدُخُولِهِ فِيهِ عَنْ نِيَّةٍ انْعَقَدَتْ بِهِ، ثُمَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ صَوْمَ نَذْرِهِ، وَيَصُومَ عَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَوْمًا عَنْ فَرْضِهِ وَيَوْمًا عَنْ نَذْرِهِ، وَيَوْمًا مُسْتَحَبًّا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَصُومَ عَنْ نَذْرِهِ فِي يَوْمِ الْقُدُومِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَعْلَمَ بِقُدُومِهِ فِيهِ، فَلَا يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ عَنْ نَذْرِهِ، لِعَدَمِ عِلْمِهِ كَمَا لَا يُجِزِئُهُ صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ فِيهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ فَفِي إِجْزَائِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَاهُ عَلَى عِلْمٍ بِهِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ صَامَ أَوَّلَهُ قَبْلَ مَقْدِمِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ، مَعَ الِاخْتِيَارِ مِنْهُ فَلَا يَصِيرُ عَالِمًا بِمَقْدِمِهِ.
قال الشافعي: " وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَذِي يَقْدُمُ فِيهِ فلانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ يَوْمَ الْإِثْنَيْن فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ كُلَّ إِثْنَيْن يَسْتَقْبِلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ فطرٍ أَوْ أَضْحَى أَوْ تَشْرِيقٍ فَلَا يَصُومُهُ وَلَا يَقْضِيهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ لا قضاء أشبه بقوله لأنها ليست بوقتٍ لصومٍ عنده لفرضٍ ولا لغيره وإن نذر صومها نذر معصيةً وكذلك لا يقضي نذر معصيةٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا عَقَدَ نَذْرَهُ، عَلَى صِيَامِ اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا، فقدم يَوْمَ الِإِثْنَيْن كَانَ نَذْرُهُ فِي الْأَثَانِينِ الْمُسْتَقْبَلَةِ مُنْعَقِدًا، لِإِمْكَانِ صِيَامِهَا وَفِي انْعِقَادِهِ فِي الِإِثْنَيْن الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلَانٌ قَوْلَانِ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُمَا فَيَصِيرُ صَوْمُ الْأَثَانِينِ مُسْتَحَقًّا بِنَذْرِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ عَنْ صِيَامِهِ فِي النَّذْرِ عُذْرٌ، فَالْأَعْذَارُ المانعة منه خمسة:
أحدها: فرض رمضان، لأنه فِيهِ مِنَ الْأَثَانِينِ مَا قَدِ اسْتَحَقَّ صِيَامَهُ عَنْ فَرْضِهِ، فَخَرَجَ عَنْ جُمْلَةِ نَذْرِهِ، فَيَلْزَمُهُ صِيَامُ أَثَانِين رَمَضَانَ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَهَا عَنْ نَذْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قضاؤها عن النذر، لاستثناءها بِالشَّرْعِ مَعَ إِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِوُجُودِهَا فِيهِ، فَإِنْ صَامَهَا عَنْ نَذْرِهِ لَمْ يَكُنْ نَذْرًا، وَلَا فَرْضًا، وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَنِ الْفَرْضِ دُونَ النَّذْرِ.
وَالْعُذْرُ الثَّانِي: أَنْ يُصَادِفَ بَعْضُ الْأَثَانِينِ مَا يَحْرُمُ صِيَامُهُ مِنَ الْعِيدَيْنِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ صِيَامُهُ، عَنِ النَّذْرِ كَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَصُومَهُ عَنْ غَيْرِ النَّذْرِ، وَفِي وُجُوبِ قَضَائِهِ عَنْ نَذْرِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي النُّذُورِ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لِأَمْرَيْنِ: