اعْتِبَارَهَا بِزَمَانِ الصَّلَاةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَتَمَاثَلُ وَلَا يَخْتَلِفُ وَبِفِعْلِ الصَّلَاةِ يَخْتَلِفُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ إِنَّ دَلَائِلَ الشَّرْعِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ الْمَذَاهِبِ الْمُتَعَدِّدَةِ؛ لِحُدُوثِ الْمَذَاهِبِ عَنِ الْأَدِلَّةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْعَلَ الْمَذَاهِبَ أَدِلَّةً.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ أَنَّ فِعْلَهَا مُعْتَبَرٌ بِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ، وَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِفَوَاتِ فِعْلِهَا دُونَ وَقْتِهَا، وَلَيْسَ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ بِمَثَابَتِهَا، وَعَلَى أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ الْعِيدَ، وَلَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ جَازَ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ وَجَازَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَلَوْ تَعَلَّقَا فِي وَقْتِهِمَا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ تُجْزِئْ إِذَا لَمْ تَقُمِ الصَّلَاةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَا يُقْطَعُ مِنَ الْحَيَوَانِ عِنْدَ الذَّبْحِ
قال الشافعي: " (قال) وَالذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَهِيَ مَا لَا حَيَاةَ بَعْدَهُ إِذَا قُطِعَ وَكَمَالُهَا بأربعٍ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ وَأَقَلُّ مَا يُجَزِئُ مِنَ الذَّكَاةِ أَنْ يَبِينَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِفَرْيِ الْأَوْدَاجِ لِأَنَّهَا لَا تُفْرَى إِلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَانِ عِرْقَانِ قَدْ يَنْسَلَّانِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ ثُمَّ يَحْيَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الذَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّهَا التَّطَّيْيِبُ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ أَيْ طَيِّبَةٌ فَسمّي بِهَا ذَبْحَ الْحَيَوَانِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْيِيبِ أَكْلِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهَا الْقَطْعُ فَسُمِّيَ بِهَا ذَبْحُ الْحَيَوَانِ لِقَطْعِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنَّهَا الْقَتْلُ فَسُمِّيَ بِهَا ذَبْحُ الْحَيَوَانِ لِقَتْلِهِ، وَالذَّكَاةُ حَالَتَانِ: كَمَالٌ، وَإِجْزَاءٌ.
فَأَمَّا حَالُ الْكَمَالِ فَيَكُونُ بِقَطْعِ أَرْبَعَةٍ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ، فَأَمَّا الْحُلْقُومُ فَهُوَ مَجْرَى النَّفْسِ فِي مُقَدَّمِ الرَّقَبَةِ وَأَمَّا الْمَرِيءُ فَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَلِي الْحُلْقُومَ، وَبِهِمَا تُوجَدُ الْحَيَاةُ، وَبِفَقْدِهِمَا تُفْقَدُ الْحَيَاةُ، وَأَمَّا الْوَدَجَانِ فَهُمَا عِرْقَانِ فِي جَنْبَيِ الْعُنُقِ مِنْ مُقَدَّمِهِ، وَلَا تَفُوتُ الحياة بقواتهما.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْسَلَّانِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ ثُمَّ يَحْيَيَانِ، وَالْوَدَجَانِ اسْمٌ لَهُمَا فِي البهيمة ويسميان في الإنسان الوريدان، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَنَحْنُ أًَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ) {ق: 16) وَلَكِنْ لَمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ سَمَّاهُ فِيهِمَا بِاسْمٍ وَاحِدٍ إِفْهَامًا لِلْعَامَّةِ فَهَذَا حَالُ الْكَمَالِ فِي الذَّكَاةِ بِقَطْعِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ.
وَأَمَّا حَالُ الْجَوَازِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ إِجْزَاءَ الذَّبْحِ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ دُونَ