إِيضَاحُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا بِحَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهِ فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ.
وَهَلْ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، أَوْ بِاخْتِيَارِهِ أَنْ يَتَمَلَّكَ بِالطَّلَاقِ نِصْفَ الصَّدَاقِ؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ.
إِيضَاحُ الْقِسْمِ الثَّانِي
وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتْلَفَ فِي يَدِهَا قَبْلَ طَلَاقِ الزَّوْجِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتْلَفَ بَعْدَ طَلَاقِهِ.
فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ طَلَاقِ الزَّوْجِ فللزوج أن يرجع علينا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا أَقَلَّ مَا كَانَ قِيمَتُهُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ إِنْ نَقَصَتْ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا، وَإِنْ زَادَتْ فَالزِّيَادَةُ لِغَيْرِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، لِأَنَّ عِنْدَهُ الصَّدَاقَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهَا وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا إِنْ تَلِفَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهَا بَعْدَ أَنْ مَلَكَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ بِطَلَاقِهِ فَلَمْ يَتَسَلَّمْهُ حَتَّى تلف فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يتلف فِي يَدِهَا قَبْلَ بَذْلِهِ لَهُ، وَتَمْكِينِهِ مِنْهُ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى مَا مَضَى.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتْلَفَ فِي يَدِهَا بَعْدَ بَذْلِهِ لَهُ، وَتَمْكِينِهِ مِنْهُ، فَلَمْ يَتَسَلَّمْهُ حَتَّى تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على اختلاف أصحابنا فيما يستحقه الزَّوْجُ عَلَيْهَا مِنَ الصَّدَاقِ.
فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنَ الصَّدَاقِ، فَعَلَى هَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، لِوُجُودِ التَّمْكِينِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ، فَعَلَى هَذَا عَلَيْهَا ضَمَانُهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ.
ثُمَّ يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إِذَا تَلِفَ فِي يَدِهَا بِجِنَايَةِ آدَمِيٍّ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّمْكِينُ، يَرْجِعُ الزَّوْجُ إِلَى الْجَانِي.
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْلِيمُ، يَكُونُ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ عَلَى الْجَانِي.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا إِذَا حَدَثَ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ أَنْ تَمَلَّكَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ نُقْصَانٌ لَا يَتَمَيَّزُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الصَّدَاقِ بِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى قِيمَتِهِ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ