وَهَلْ يَكُونُ نَقْصُهُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُعْتَبَرٌ بِحَالِهَا فِي التَّسْلِيمِ والتمكين، ولها فيه ثلاثة أحوال:
أحدهما: أَنْ لَا تُسَلِّمَ، وَلَا تُمَكِّنَ الزَّوْجَ مِنْهُ، فَالنُّقْصَانُ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي يَدِهَا عَنْ مُعَاوَضَةٍ فَلَزِمَهَا ضَمَانُهُ كَالْمَقْبُوضِ سَوْمًا.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ، فَيَرُدَّهُ عَلَيْهَا، فَهُوَ أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ لَا يَلْزَمُهَا ضَمَانُهُ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْهُ فَلَمْ يَتَسَلَّمْهُ حَتَّى نَقَصَ فَفِي ضَمَانِهَا لِنُقْصَانِهِ وَجْهَانِ.
إِيضَاحُ الْقِسْمِ الثَّالِثِ
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَدْ زَادَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَمَيِّزَةً، كَالْوَلَدِ فَالزِّيَادَةُ لَهَا، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ: يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْأَصْلِ، وَنِصْفِ الزِّيَادَةِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْأَصْلِ، وَلَا بِنِصْفِ الزِّيَادَةِ، ويرجع بنصف القيمة وبناء ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ تَمْنَعُ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالْبُرْءِ، وَالسِّمَنِ، فَهِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ، أَوْ نِصْفَ الْعَيْنِ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ: تُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِ الْعَيْنِ زَائِدَةً.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِلْكٌ لَهَا وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالْأَصْلِ، فَلَمْ تُجْبَرْ عَلَى بَذْلِهَا، فَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهَا، وَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ زَائِدًا فَفِي إِجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهَا وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنَ الْعَيْنِ إِنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ مِنَ الزِّيَادَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَضْعَفُهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ، وَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ حُدُوثَ الزِّيَادَةِ قَدْ يُقِلُّ حَقَّهُ إِلَى الْقِيمَةِ.
وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ الزِّيَادَةِ إِذَا انْفَصَلَتْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهَا إِذَا اتَّصَلَتْ فَلَوْ حدثت زيادة الصداق بعد الطلاق، وقبل الرجوع الزَّوْجِ بِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْدُثَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ، فَيَكُونُ الزَّوْجُ شَرِيكًا فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً كَالْوَلَدِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ مَعَ نِصْفِ الْأُمِّ. وَإِنْ كانت متصلة كالسمن بملك نِصْفَهُ زَائِدًا، وَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ أَنَّ تَمْنَعَهُ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ حَادِثَةً بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ.