الْمُتَمَيِّزِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ زِيَادَةٌ، فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى، وَلَيْسَ لِلزِّيَادَةِ هَاهُنَا تَأْثِيرٌ يَتَغَيَّرُ بِهِ الْحُكْمُ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ سَاقَ الصَّدَاقَ بِكَمَالِهِ إِلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَلَا يَخْلُو طَلَاقُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّدَاقِ، وَقَدِ اسْتَوْفَتْهُ.
وإن كان قبل الدخول فله نصفه.
وإن كَانَ كَذَلِكَ: لَمْ يَخْلُ الصَّدَاقُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ أَوْ يَكُونُ عَيْنًا مَعْلُومَةً.
فَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ؛ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَاقِيًا فِي يَدِهَا، أَوْ مُسْتَهْلَكًا.
فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِالنِّصْفِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الصَّدَاقِ.
وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنِّصْفِ مِنَ الصَّدَاقِ الَّذِي أَقْبَضَهَا؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْدِلَ بِهِ إِلَى مِثْلِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تُعْطِيَهُ النِّصْفَ مِنْ ذَلِكَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ أَنْ تَعْدِلَ بِهِ إِلَى نِصْفِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَيَّنًا بِالْعَقْدِ، بَلْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَاسْتَقَرَّ فِيهِ حُكْمُ الْخِيَارِ فِي مِثْلِهِ.
وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَالْمُتَعَيَّنِ بِالْعَقْدِ.
فَلَوْ كَانَتْ قَدِ اشْتَرَتْ بِالصَّدَاقِ جَهَازًا أَوْ غَيْرَهُ، رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْجَهَازِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَجَهَّزَتْ بِالصَّدَاقِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْجَهَازِ وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُجَهَّزَ لِزَوْجِهَا.
وَعِنْدَنَا: لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَجَهَّزَ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ دُونَ الْجَهَازِ، فَلَمْ يَلْزَمْهَا إِلَّا تَسْلِيمُ الْبُضْعِ وَحْدَهُ.
وَلِأَنَّ مَا اشْتَرَتْهُ مِنَ الْجَهَازِ كَالَّذِي اشْتَرَتْهُ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ. وَلِأَنَّ مَا اشْتَرَتْهُ بِالصَّدَاقِ مِنَ الْجَهَازِ كَالَّذِي اشْتَرَتْهُ مِنْ غَيْرِ الصَّدَاقِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الصَّدَاقُ فِي الْأَصْلِ مُعَيَّنًا بِالْعَقْدِ فَلَا تَخْلُو حَالُهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الأقسام الخمسة: