لَا يَنْقُصَانِ " يَعْنِي شَهْرَ الصِّيَامِ، وَشَهْرَ الْحَجِّ، وَبِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " يَوْمُ صَوْمِكُمْ يَوْمُ نَحْرِكُمْ " وَحُكِيَ عَنْ آخَرِينَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ عَمِلُوا فِي صَوْمِهِمْ عَلَى النُّجُومِ وَمَا تُوجِبُهُ أَحْكَامُ الْحِسَابِ تَعَلُّقًا بُقُولِهِ {وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) {النحل: 16) فَأَخْبَرَ أن الابتداء يكون بالنجم، والدليل عَلَى كِلَا الْفَرِيقَيْنِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ " فَعَلَّقَ حُكْمَهُ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا، وَرَوَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ أَوْ تكلموا الْعِدَّةَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَى تَرَوُا الْهِلَالَ أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ " فمَنَعَ مِنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ إِلَّا بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ:
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " نَحْنُ أمةٌ أميةٌ لَا نَكْتُبُ، وَلَا نَحْسِبُ الشَهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مراتٍ، يَعْنِي ثَلَاثِينَ ثُمَّ قَالَ: وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا ثُمَّ بَسَطَهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَبَضَ فِي الثَّالِثَةِ إِبْهَامَهُ مِنْ إِحْدَى يَدَيْهِ " وَرُوِيَ بِنْصَرَهُ يَعْنِي: تِسْعَةً وَعِشْرِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا أُنْزِلَ على محمد " ويروى فقد كذب بِمَا أُنْزِلَ عَلَى محمدٍ فَأَمَّا تَعَلُّقُ أَصْحَابِ العدد بقوله " شهر النُّسُكِ لَا يَنْقُصَانِ " فَفِيهِ جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا أَصْلَ لَهُ لِأَنَّ الْمُشَاهِدَةَ تَدْفَعُهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى أنه خرج جواباً لمن أخبر بنقصانها فِي سَنَةٍ بِعَيْنِهَا، وَكَانَا كَامِلَيْنِ فَأَخْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُمَا غَيْرُ نَاقِصَيْنِ يَعْنِي فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَأَمَّا تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَوْمُ صَوْمِكُمْ يَوْمُ نَحْرِكُمْ " فَفِيهِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَا، عَلَى أَنَّا رَوَيْنَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: