الحاوي الكبير (صفحة 1230)

أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وُقُوفُ الْأَمْرِ عَلَى مُرَاعَاةِ حَالِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَجَبَتْ وَإِنْ قُتِلَ لَمْ تَجِبْ، وَالْقَوْلُ خَرَّجَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَامْتَنَعَ مِنْهُ أَبُو الْعَبَّاسِ لَا زَكَاةَ فِي مَالِهِ بِحَالٍ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ قُتِلَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَخْرِيجَ هَذَا الْقَوْلِ وسبب اختلافهم فيه.

مسالة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وحرامٌ أن يؤدي الرجل الزكاة من شر ماله لقول الله جل وعز {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا تُعْطُوا فِي الزَّكَاةِ مَا خَبُثَ أَنْ تَأْخُذُوهُ لِأَنْفُسِكُمْ وَتَتْرُكُوا الطَّيِّبَ عندكم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمُزَنِيُّ:

وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَقُلْنَا إِنَّ إِخْرَاجَ الرَّدِيءِ عَنِ الْجَيِّدِ لَا يَجُوزُ، وَإِخْرَاجَ الْجَيِّدِ عَنِ الرَّدِيءِ لَا يَجِبُ وقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) {البقرة: 267) فِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْحَرَامُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.

وَالثَّانِي: الرَّدِيءُ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَهُوَ أَصَحُّ التَّأْوِيلَيْنِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {وَلَسْتُمْ بآخِذِيهِ إلاَّ أنْ تُغْمِضُواْ فِيه) {البقرة: 267) وَالْحَرَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُغْمَضَ فِي أَخْذِهِ عَلَى أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، مَنْقُولٌ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى فِيهِ عَذْقًا حَشَفًا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَدَقَةُ فُلَانٍ، يَعْنُونَ رَجُلًا من الأنصار، فغضب وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ غنيٌّ عَنْ فلانٍ وصدقتهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُصَدِّقًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتاه بفصيل محلولٍ فِي الصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انظروا إلى فلانٍ أتانا بفصيل محلول، فَبَلَغَهُ فَأَتَاهُ بَدَلَهُ بِنَاقَةٍ كوماءٍ، قَالَ أَبُو عبيد المحلول هُوَ الْهَزِيلُ الَّذِي قَدْ حَلَّ جِسْمُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015