الصفَّ. فنزلت فأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصفِّ، فلم يُنكر ذلك على أحد.

قال المؤلف، وفقه الله: كان ذلك، في حجَّة الوداع، وبين موته عليه السلام وصلاته للناس بمنى ثلاثة أشهر وأربعة أيام. وروى الزَّهريُّ عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " يا غلام ألا أُعلِّمك كلمات ينفعك الله بهنَّ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك. تعرَّف إليه في الرَّخاء، يعرفك في الشدَّة. إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. جفَّ القلم بما هو كائن، فلو اجتمع الخلق على أن يعطوك شيئا لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه. فاعمل لله بالرضى في اليقين. واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا ".

قال أبو عمرو بن العلاء: نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر بن الخطاب غالبا عليه، فقال: من هذا الذي برع الناس بعلمه، ونزل عنهم بسنِّه؟ قالوا عبد الله بن عباس. وفيه يقول حسان بن ثابت:

إذا ما بنُ عباسٍ بدا لك وجهُهُ ... رأيتَ له في كلِّ أحولِهِ فَضْلا

إذا قالَ لمْ يترك مقالا لقائلٍ ... بمنتظِماتٍ لا تَرى بينها فَضْلا

كفى وشَفى ما في النفوسِ فَلَم يَدَعْ ... لذي إرْبةٍ في القَولِ جِدّاً ولا هَزلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015