وهو الذي كان يصُبُّ على عليٍّ يومئذ، وكان أجمل الناس وجها. وأختُلف في وقت وفاة الفضل. فقيل: أصيب يوم أجنادين في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقيل: بل يوم مُرج الصُّفَّر، وكلا الوقيعتين كانتا سنة ثلاث عشرة. وقد قيل: مات الفضل في طاعون عَمَواس بالشام سنة ثمان عشرة. وقد قيل: إنه قتل يوم اليرموك سنة خمس عشرة في خلافة عمر. ولم يترك ولدا إلا أمَّ كلثوم، تزوجها الحسن بن علي، ثم فارقها. فتزوجها أبو موسى الأشعريُّ. روى عنه أخوه عبد الله بن عباس وأبو هريرة.
عبد الله بن عباس أبو العباس: ولد، رضي الله عنه، بالشِّعب قبل خروج بني هاشم منه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضع له الوضوء، فقال: " اللهم فقِّهه "، وضرب بيده في صدره. وفي حديث آخر: " اللهمَّ فقَّهه بالدِّين وعلِّمه التَّأويل ". وفي آخر " اللهمَّ علِّمه الحكمة وتأويل القرآن ". وفي آخر " اللهمَّ بارك فيه وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين ". وهي أحاديث كلها صحاح. وقال مجاهد عن ابن عباس: رأيت جبريل عند النبي عليه السلام مرتين. ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين. وقال ابن مسعود: نِعمَ ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك.... ما عاشره منا رجل. وقال مجاهد: ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس، إلا أن يقول قائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا تكلم قلت: أفصح الناس، وإذا تحدث قلت: أعلم الناس. وقال يزيد بن الأصمِّ: خرج معاوية حاجَّا معه ابن عباس. فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممَّن يطلب العلم.
وحدَّث يحيى بن معين قال: نا الحجاج بن محمد عن ابن جُريح، عن عطاء قال: كان ناس يأتون ابن عباس في الشِّعر والأنساب، وناس يأتون لأيام العرب ووقائعها، وناس يأتون للعلم والفقه. فما منهم صف إلا يُقبل عليهم بما شاؤوا. وقال رضي الله عنه: تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قد ناهزت الاحتلام. وفي الموطأ مالك: عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس أنه قال: أقبلتُ راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، فمررت بين يدي بعض