فقال: " اذبحْها، ولن تُجزئ عن أحدٍ بعدك ". وأورد مسلم هذا الحديث عن الشعبيِّ، عن البراء من طرُقٍ. وعن أبي جُحيفة عن البراء عن طريق واحد. وروى مالك، رحمه الله، حديث أبي بردة هذا في الموطأن وحديثُ مسلم أَتمُّ. ومات في صدر خلافة معاوية.
ومنهم المُجذَّر بن ذياد بن عمرو البلويُّ: حليفُ بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج. واسمُ المجذَّر عبد الله. وقيل له المجذر، لأنه كان مجذَّر الخلق. وهو الغليظ، شهد بدراً، وقتل أبا البختريِّ العاصي بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ يومئذ. وقال حين قاتله:
بشِّرْ بِيُتْمٍ من أبيهِ البختري ... أو بشِّرنْ بمثلها منِّي بني
أنا الذي أزعمُ أَصلي من بَلى ... أضرِبُ بالهنديِّ حتى يَنْثني
واستشهد المجذَّر يوم أُحد.
ومنه سواد بن غزيَّة بن أُهيب: حليف بني عديِّ بن النجَّار من الأنصار. شهد بدراً طعنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمخصرة ثم أعطاه إياها، وقال: " استفِدْ عَدْلاً منه " صلى الله عليه. وذكر ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَّل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قِدح يعدِّل به القوم. فمرَّ بسواد بن غَزيَّة حليف بني عديِّ بن النجار قال، وهو مُستنثل من الصف، قال ابن هشام: مُستنصل من الصف. فطعن في بطنه بالقدح وقال: " استو يا سواد ". فقال: يا رسول الله أَوْجَعْتني وقد بعثك الله بالحق فأَقِدْني. قال: فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال: " استقِدْ ". قال: فاعتنقه فقبَّل بطنه. فقال: " ما حَملكَ على هذا يا سَوادُ؟ ". فقال: يا رسول الله حضر ما ترى، فأَردتُ أن يمونَ آخر العهد بك أن يمسَّ جِلدي جلدك. فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيرٍ.