ومن ثور بن عبد مناة، وهو ثور أطحل أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري. وُلد في خلافة سليمان بن عبد الملك سنة ست وتسعين، وقيل سنة سبع. ومات بالبصرة متواريا من السلطان، ودُفن عشاءً. قال الشاعر:

تَحرَّزَ سفيانٌ وفرَّ بدينهِ ... وأمسى شريكٌ مُرصداً للدراهمِ

شريكٌ المذكور في هذا البيت: هو أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي الكوفي. وُلد ببخارى سنة خمس وتسعين، ومات بالكوفة سنة سبع وسبعين ومئة. وولي القضاء بالكوفة ثم بالأهواز. قال سفيان بن عينة: ما تركت بالكوفة أحضر جوابا من شريك بن عبد الله. وروى شريك عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله البيعي، ومنصور بن المُعتمر الُّلمي، قال ذلك مسلم في كتاب " الكنى ".

ومن حضور جواب شريك: قال له عيسى بن موسى: يا أبا عبد الله، إن في كتاب الله آية ليس لك ولا لقومك فيها شيء. قال: وما هي؟ قال: " وإنه لذكر لك ولقومك ". قال: وليس لي أيضا ولا لقومي في قوله عز وجل: " وكذَّ به قَومُك وهو الحقُ " شيءٌ. وقيل لشريك: ما تقول فيمن أراد أن يقنت في الصبح بعد الركوع، فقنت قبل الركوع؟ قال: هذا أراد أن يخطىء فأصاب. وكان شريك عدلا في قضائه، كبير الصواب رحمه الله.

وسفيان كوفي قال سفيان بن عُيينةَ: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري. وقال ابن أبي ذيب: ما رأيت أحدا من يشبه الثوري. وقال عبد الله بن المبارك: لا نعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان. وقال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد القطان فقلت: أيُّما أحب إليك، رأي مالك أو رأي سفيان؟ فقال: سفيان لا نشك في هذا. ثم قال يحيى: وسفيان فوق مالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015