في كل شيءٍ. ودخل سفيان على المهدي، ولم يسلم عليه بالخلافة..... يقال له عيسى بن موسى: أتكلم أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام، وأنت رجل من ثور حقير ذليل؟ لعن الله ثورا وما ولد. فقال له سفيان: من أطاع الله من آل ثورخير ممن عصى الله من قومك. وكان سفيان يقول..... اتخذوا سلما إلى الدنيا. فقالوا: ندخل على سلطان نُفرِّرج عن مكروبٍ، ونكلم في محبوس. وكان يقول: إذا لم تصل إلى حقك إلا بالخصومة والسلطان فدعه لما ترجو من سلام دينك.
ونقل عنه الفقه أبو اسحاق إبراهيم بن محمد الفزاريُّ، وعبد الله بن المبارك، وغسان بن عبيد ووكيع، ومحمد بن يوسف الفِريابُّي، ومحمد بن عند الوهاب القَنَّادُ، وغيرهم من الثقات. وقال يحيى بن معين: سفيان الثوري حافظ أهل الكوفة. وقال عبد الله بن محمد بن المغيرة: مرض سفيان الثوري مرضةً، فندم الناس عليه. فلما أفاق ازدحموا عليه، فحدثهم بخمسة وعشرين ألف حديث ظاهر. وسُئل يحيى بن معين: مَن كان الحفاظُ من أصحاب سليمان بن مِهران؟ فقال: سفيان الثوري وشعبة ومحمد بن خازم، وهو أبو معاوية الضرير، وأبو بكر بن عباش. قيل له: فشريكٌ؟ فقال: ليس مقام شريك مقام هؤلاء. على أن شريكا قد سمع من الأعمش، وهو ثقة. وقال أحمد بن حنبل: كان الحفظ لسفيان بالكوفة، ولمالك بالمدينة، ولليث بمصر، والأوزاعي بالشام. وذكر أن كتب الأوزاعي احترقت، فما حدَّث بعد احتراق كتبه إلا من حفظه.
وسئل بعض الفقهاء عن الثوري وأبي حنيفة، فقال: الثوري أعلم بما كان وأبو حنيفة أعلم بما يكون. قال الواقدي: مات سفيان سنة إحدى وستيم ومئة، وهو تابن أربع وستين سنة. وأخبرني أنه وُلد سنة سبع وتسعين. ولم يُعقب سفيان؛ كان له ابن فمات قبله، فجعل كل شيء لأخته وولدها، ولم يُورث أخاه المبارك بن سعيد شيئا.
وتوفي أخوه أبو عبد الرحمن المبارك بن سعيد بالكوفة سنة ثمانين ومئة. روى عن أبيه، وروى عنه ابن المبارك، وأبو النَّضر، ويحيى بن يحيى.
وأبوهما أبو سفيان سعيد بن مسروق: روى عن عكرمة، ومنذر بن يعلي الثوري، والشعبي. وروى عنه ابنه سفيان، وشعبة.