إني لرَغْمِى فقدكم وتَخَلُّفى ... يا طولَ حزُنى بعدَكم وبكائي
أَضحيتُ من أسفٍ أَغُضّ أناملى ... هل مُمْكِنٌ أن تَسمحوا بلقائى
عَضُمَتْ مُصيْبَةُ والدى فيكم بكم ... لا حِيْلةً فى واقع بقضاءِ
لو كنتُ أملِكُ أمرَ نَفْسىِ فى اللّوى ... لبذَلْتُها لو تَقبلون فدائى
ويكونُ حَظّي وافرًا بقبولكم ... وأكون مكتوبًا من السُّعداءِ
لو بِعتها ثم اشتريتُ وصالكم ... لربحْتُ فى بّيعى لها وشرائِى
يا سادةً ملكوا فؤادَ ميتمٍ ... وتحَكموا فيه بحكمِ ولاءِ
إن العزا فيكم وفينا واحدٌ ... من ذا يعيش على المَدىِ بصَفاءِ
كأسُ المنيَّةِ دائرٌ ما بيننا ... يَسقيكم ويدور للنُّدماءِ
فى الموت أعظمُ عبرة لمبصّرٍ ... أو عَبرة ممزوجة بدماءِ
فهو المُصيبة وهو أكبرُ آيةٍ ... مغنى الوَرَى ومحنة العقلاء؟
وهو الرّزيةُ والبَليةُ والذى ... يَسطو على الآباءِ والأبناء
فاشدُدْ حيازيمَ الرَّحيل إلى الأُولى ... واخرج من الأَدواء والحكماءِ
إنَّ الغنائَم فى التَّوكَل والرّضا ... لَيستْ مع الصفراءِ والحَمْراءِ
لو أن عُمْرًا من طبيبٍ يُشترى ... عاش الطبيب ولم يمت بالدَّاءِ
يا موتُ أقرب من يكون على الفتى ... تلقيه فى الصّقعاء والرّمضاء
يا موتُ مالَكَ لا تُبَقى ما جدًا ... يا هاذِم اللَّذات والسراءِ
يا فتنة الأمراءِ والوُزراءَ يا ... مُستهلك الشُّرفاءِ والخُلفاءِ
يا حسرةَ الظُّرفاءِ واللُّطفاء يا ... مستأصلَ النُّبلاء والنُّجباءِ
الموتُ حتمٌ يومَ يأتى وعدُهُ ... ما وعدُهُ وعدًا بغيرِ وفاءِ
كم فلَّ حيشًا كم رمى من أسهمٍ ... كم فَضَّ شملًا كم قضى بعزاء
كم خَصَّ طفلًا كم كوى من والدٍ ... كم هدَّ رُكنًا بعد دَكِّ بناءِ
كم فظَّ نفسًا كم بَرى من حاكمٍ ... من بعدِ عزّ قائمٍ وحصاءِ
هذا ولىُّ الله والحَبْرُ الذى ... بالفخرِ حازَ مراتِب العَلْياءِ